654 قصة قصيرة


قصة  سليمان
قصة  واقعية
=4=
           ----
كانت الأم  الرءوم   ممسكة بسبحاتها  الطويلة  تتنفس  الإيمان من حباتها
وتعبق المكان من  تحركاتها  وتنفس  فيها كهواء   يتصاعد  فى اركان  غرفتها
الصغيرة  المليئة بالصبر والتقوى والحنان  كانت الأم  جميلة  رائعة
كالبستان   وجهها القمرى  يبعث بضوءة فى الأركان فيجعلها عامرة
بالحب والإيمان  كانت إبتسامتها المشرقة  عنوان  الأمان  لأبنها سليمان  كانت دائما تدلة  بحنان      .. وكانت لا   تعبء  إلا  بة أينما كان
.. كان  سليمان  الصغير  الذى  حصل
على الثانوية  العامة ونجح بتفوق فى الإمتحان    ومع ذلك لم يتمكن من
اللحاق  برفاقة فى   الجامعات المصرية  نظرا   لحاجة الجامعة الى المال اللازم للصرف  على الكتب الدراسية  والمصاريف الجامعية والمواصلات وما يطلبة  ذلك من نثريات .. ولما  تعانية  الأسرة
من بؤس  وحرمان وفقر مدقع وعدم الأمان بحياة يسودها الوئام والإطمئنان   فكان على  سليمان أن
يعمل  ثم ينتسب الى الجامعة  عندما

  يقوم الآوان  ...     فقد توفى والدة
وهو فى السابعة  من عمرة  وحرم  حنان  الأب  ورعايتة وحرم حتى من الأمان على غدة ومستقبلة أينما كان .. إلا أن والدتة
دائما  كانت  تعوضة الكثير بحنانها المتدفق الكثير  وحبها الرائع الكبير لة
وبإمتنان كانت  توفر لة   من قوتها ما
تعوضة عن كل حرمان   .. وتذكر    سليمان  ما كانت  تبذلة أمة  من جهد  لتوفير  حذاء  لة مستعمل يذهب بة الى المدرسة  مثل أقرانة الذين يستعدون  لعام دراسى  بما يملكونة من إمكان ..  فكانت الأم  تصاحب أبنها  سليمان
وتذهب  الى المحل  الذى يبيع  الأحذية
المستعملة ويسمع  سليمان  تواسلات أمة  وهى  تفاصل فى السعر قائلة  : إبنى
يتيم   حاول   تنزل من  ثمن الحذاء  ولو ..  خمسون  قرشا    وربما كان الموقف  يمر بسلام   إلا  أنة كان يترك جرحا  غائرا  فى نفس سليمان  هل هو اليتم بعينة الذى لة مكان .. وهكذا  كان يسمع تلك الكلمة فى كل مناسبة   و فى كل  طلب  تقوم بة الأم  .. حتى أدرك  اليتم  وعرف  أن ما بالأمكان  تغير واقعة  على خريطة الحرمان  إلا أن يجد   عملا   ييواجة
بة  قسوة الزمان  فإن  فقد  الأب  شىء  غاية فى القسوة  والآلام ..  وظل على  هذا الحال من الكتمان

يحز فى نفسة  أنة  مجروح   جرحا

غائرا   ويجلس  قابعا  على  فوهة بركان
وكان  دائما  ينظر ويتفحص بعينين  ثاقبتين   عن معانى كثيرة فى هذا الزحام ..  وبعد أن إستقر الأمر أنة
سيعمل   فى اى  عمل  يواجة بة الحياة   ويعوض أمة  التى عاشت الفقر  والذل والحرمان  ...  كانت
دائما  تنتظر  أن يشترى الناس حاجاتهم  من الأسواق  وتذهب  آخر
السوق    لتشترى  بأقل الأثمان  وكانت  دائما  لاتجد  فى يدها   ثمن
شراء  الخبز   الحاف ..  فتنهمر  من
عينيها الدموع  ساخنة كأنها  الغليان

وتحمر  بشرتها   الناصعة  البياض

كأنها  وضعت  على موقد  نار يشتعل

دون آذان  ...  فكم  قاست   مرارة

الحرمان

وإستطاعت ألأم  بعد  جهد
جهيد  وعزم أكيد أن تدبر  لة  ثلاث
جنيهات   للسفر  الى القاهرة  كى
يجد  فرصة واحدة  للعمل بالقرب

من  شقيقاتة المتزوجات  فيها ....
وارتحل  القطار  يمخر الأرض مخرا
وينهبها  الأرض   نهبا   حتى وصل  الى

القاهرة  ...   بحث سليمان فى كل  مكان

عن عمل   فلم  يجد أى نوع  من العمل يستطع بة ان  يواجة الحياة التى تنشب مخالبها  فى جسدة  دون  هوادة   بل بكل إمتهان  لكرامة الأنسان  فى ان  يعيش حياتة  بسلام ..  وتبخرت أحلامة
كما  تبخرت  الجنيهات  الثلات
التى إقترضتها أمة بشق الأنفس
والإمكان  
وكأنة فى الدنيا يواجة أصعب إمتحان .. ولم

يكن مهيأ   نفسيا  أن يلقى  بحملة  الثقيل  على  شقيقاتة البنات المتزوجات فكان
دائما لو  حضر لزيارتهن  خلسة يقول لهن :  لقد تناولت  الغداء على التو  .. فى
المطعم  .. ومازالت بطنة متخمة بالمأكولات ومازال يتعصم  حتى صارت  بطنة  خاوية واضحى  أنة لم يتناول  الطعام  ليلتين  متتاليتن  وكان  يذهب   الى  النوم  فى  حجرة نائية بعيدة الأطراف عن
 كل أعين   كى  لا ترثى لحالة    والتى فاقت الم الإنسان    وحتى يكون بعيدا  عن أقرب  الناس  الية  من أى  مكان ... فأحيانا  يجد
النجدة  من  عند  اللة  فقلب الأخت دائما  معمرا   بالإيمان فقد كانت  تحس  بة أختة  فوقية وهى  تكبرة مباشرة  وكم تشعر بة  وتدرك أن لها أخ    يتوجع  ألما من الجوع  .. فحينما  تمر
أختة  وهى تحمل ( البستلة )   لأحضار  الماء  من
إحد  الحنفيات  التى تعمل  فى هذة
المنطقة   فهى ليست ميسورة الحال
وليس عندها  تركيب  لحنفية فى  بيتها الآن  ... وتمر وهى  تحمل فى هذة البستلة الطعام الشهى وتقدم  لة  بعضها  وهى تقول لة  لتخفف  عنة  ذق  أكل  وطعام  أختك  يمكن يعجبك
كمان ..
  وبالرغم  ما تمر   بة  أختة  من
ظروف   صعبة جدا  فى المعيشة
فهى توفر  من
وجبتها هى  وتأكل نصف بطن ..  فكانت لة كالنهر المتدفق  عطاءا    وحبا وحنانا  وظلت     على   هذا المنوال  تعزف سمفونية حنان الأم  على اوتار  حالمة   لم
تأتى  الا فى الأحلام  ... شعر  سليمان    بمقدار ما تعانية  هذة الأخت  من ألم وجهد   وحب  .. وحرمان
فأخذ يشمر عن ساعدة   بالمزيد
من الجهد   فى  البحث عن  أى فرصة
عمل   تسد بطنة الخاوية ...  وبعد
أن أدركة التعب الشديد .. والأحساس
بألم الجوع ...  نزح الى كرسى  فى
حديقة  ميدان التحرير المواجة  لمجمع  التحرير فى  هذا الحين  والتى إنطلقت  منة  ثورة الجياع فى مصر   ثورة 25 يناير  ..عيش حرية  كرامة إنسانية ..  لم تكن
الثورة   قد إنفجرت  بعد  .. لكن
سليمان كان يشعر بمرارة  الألم والحزن  والبؤس والحرمان  وهو

يرى    السيارات الفارهة  والقصور
المكلفة  وملايين  الجنيهات  يعبث
بها الأغنياء  على صالات الديسكو والقمار   وهناك    الشباب الجائع
الذى يبحث  عن  لقمة  عيش حاف

يسد بة  رمقة وسط  وبين سلات المهملات  وصناديق القمامة
ومخلفات الأغنياء .. كان الصمت مطبقا على أنفاسة  كيف  يواجة الحياة    ويخفف عن بطنة الآم الجوع  ونهشة فى بطن  خاوية ...مع الحرمان  كيف وهناك  الآف الأثرياء
يملكون خير  ورزق قوت  الشعب كلة   وطغى علية الألم  كالبركان  هل ينفجر  الآن ... أم ينتظر لحظة السريان  ... فى ذلك الوقت كانت الأجندة  الأجنبية تحرك  الماء الراكد
من  خلال شباب الفيس بوك  الذى إمتطى  صفحاتة  ينتظر لحظة قفز على الظلم والطغيان  وركب الشباب
الموجة فقد أندفع  بموجات  هادرة
كالشلال  بعد  أن تمكن الفقر والمرض والجهل  من  أن  يغرس
أنيابة  فى  كل الأبدان  وان يظل  يفترس   القلب  الأبيض  ويحبس
أنفاسة  ودقة الولهان ...  انتفض
كل قلب    حبس بين الجدران مكتوم
الأنفاس  بين  رجال السلطة  والتعذيب  فى المعتقلات وظهرت كلمة وراء الشمس   لامعة   لايعرف
الأهل  عن  أبنهم مكان إذا  غابت شمس  الحرية   وتم ترقية  ظباط الأمن  ورجالة   كل من ثبت أنة  مثل
الحجاج بن يوسف   فى  حبة للتعذيب
والدماء أم   الظباط  أولاد ناس  فليس

لهم  مكان  بل قابعين فى جوف النسيان  يعانون مثل باقى الشعب الفقر  والذل والهوان .. إما   الذين
أجرموا  فى حق الشعب فلهم  الثراء والجاة  والسلطان  .. تشرأب أعناقهم
من فرط الظلم   ويعلو بهم البنيان ..
إسترحى سليمان  على ذلك الكرسى
فى ميدان التحرير 

وأخذ يسترجع   حال  البلاد  وقد  عصفت بأفرادة   نوبة  الغضب
الشديد ..  وفى  أوج تأملاتة   أبصر
فتاة  صغيرة   فى ربيعها  الثالث عشر   ممسكة بسندوتش طعمية  صغير  وهى  تقضمة   جائعة  .. نظر  سليمان  الى
عينيها  المتوهجتين   بلون  الشمس
كانت  عينيها  رائعتين  حقا ووجها
المشرق يبتسم براءة وحسنا ..  كأنها حورية   ترسم فى الأفق  معانى  الآحلام الوردية  صدقا  والأمل  فى الغد  رسما  وكأن عينيها تنطق بة نطقا .. فأبتسم  سليمان عشقا  وحبا
وهو  ينظر اليها   وكأنها  بدت الية
حلما  وودا  .. وظل  يراقب السندوتش   صعودا  وأكلا  ..  حتى شعر  أن بطنة  تتوجع  ألما ..   فأدار
وجة   حتى لايرى  طعاما  يمر من
أمام عينية مرا   ..  إما حنان  وهذا
أسمها  فقد لاحظت على  الشاب خجلا  .. وتطاولت نظراتها الية  مدا
.. فهى لا تعرف الحب ولا  العشق دوما  لكن ببراءتها  لاحظت  فية اليها
قربا فأدركت أن حالها  كحالة  ولابد
أن يلتقى القدر يوما ... نظرت الية
فوجدت سليمان   لم يعد ينظر اليها وكأنة  أهملها   لكنة     لأول مرة
يدق قلبة دقا    .. عندما عرف للشوق
ركنا  ..  لكن الجوع يسلب  أجمل معانى  للحياة بهجة .. إما حنان فقد
رمقتة برفق   وأدركت  أن هذا الأنسان والشاب الخجول  جائع مثلها تماما فتعاطفت  معة ودا ... وقربا وإمتنانا
واقتربت منة  قائلة أوكما   تريد قولا :   ممكن  لو
سمحت  أسألك  سؤال  .. رمقها  سليمان  بنظرة ود   وقال لها  ممكن
..  فقالت لة   :  كيف أركب القطار
لمدينة  السويس أنا لا اعرف ..  وبعد  حوار دام
أكثر  من  ساعة   كانت خلالة تقطع
اللقيمات السندوتش  وتقسمها بينة وبينها بالتساوى  ..  وعلم أنها  لا تملك  فى
جيبها  إلا   نصف   جنية  .. وعلم
أن والدها   متوفى  وإن   (عمها) ..
شقيق  والدها  يأتى بها الى القاهرة قصرا  .. يأتى

بها  لتعمل خادمة نظير أجر  معلوم  يأخذة  عنها   كل شهر  وهى
لاتعلم هذا الأجر  لكنها قررت الهروب  بعد أن شعرت بالأهانة مع
سيدتها  التى  تعمل  تحت أمرتها  وان  العذاب
والضرب والسب  وصل  الى حد
بلغ  فية  ذروتة  بحيث لم يعد  يطيق
جسدها الرقيق  تحملة   وكانت مؤمنى صابرة  راضية  بقدرها

إلا أن العذاب رسم علامات  غائرة

على جسدها  الضعيف المنهك  من

قلة الطعام  والنوم ..

وأن  جسدها و جلدها بة أثار حروق مدمية  وان
الجروح  غائرة  بسبب السادية التى
تعيشها   سيدتها  وتطبقها  عليها بل
تجبرها  أن تربط   عنقها بسلسلة 
حديدية   وتسحبها بقوة  كأنها تقودها
الى  حبل

المشنقة أو ذاهبة بها  الى المقصلة والأعدام  وهى حائرة لاتعرف لماذا   هذة
الأفعال الغير  سوية التى تمارسها
سيدتها السادية  عليها  .. وازاحت عن جسدها أثار  حروق دامية

رآها سليمان  فشعر بقشعريرة    غضب سلرية فى بدنة  وتقزز
مما تفعلة  هذة السيدة الغير آدمية

بمخدومتها  وقد وضح هذا فى جسدها الأبيض المرمرى  البض الذى ينبت بالأمل على هذة الأرض  ويكاد  يحترق من قسوة الحياة  علية والكبد
بعد أن كان  رائقا كاللبن الحليب  ليأتى علية  جناة  فيسكبوا الزبد .. ومن
هذا الزمن  ليسلبوا منة صفاءة وآدميتة   .. بكى سليمان
وانتحب .. واستبد  بة الغضب
  واخذ يفكر  ويقترب وسأل نفسة وكيف  يساعدها  وهو
يعلم أن حنان  لو رجعت الى مدينتها السويس  فأن (عمها )  الفاقد للضمير والأنسانية  سيعيدها  مرة أخرى  الى المرأة الغير سوية لتنكل بها أبشع تنكيل  وتسترقها إسترقاق العبيد وتبث سوم ساديتها عليها بدون تفريق وبعد أن ذاق  (عمها ) حلاوة الأجر 
والمال  لن يضيق أن  تعيش بلا عمل
كالعبيد أو الرقيق  ...  نظر  سليمان اليها  بحب وعشق وحنان وربط على كتفيها كإنسان   شعر   بمرارة  الظلم
والحرمان  وهو ينتحب  فقد رأى  هول الدنيا على طفلة بريئة فى هذا الزمان   وقال
لها سأساعدك يا حنان  بروحى  وحياتى .. أنا إنسان ونظر اليها بحنان
وقال  لها : ضعى يدك فى يدى     لنواجة  حياة  صعبة
فيها القسوة والحرمان  .. كان  يعلم
أن كل شقيقاتة  لايملكن  أى نوع
من المساعدة فأزوجهن  لايعرفوا
 مدى ارتباط  الدم  بالعرق  وليسوا
على استعداد  لعمل  شىء من هذا النوع   فمجرد  مخالطة شاب لفتاة
هو جريمة لا تغتفر  وخاصة وانهم
من أبناء الصعيد  الذين  ينتمون الى
الجد والقسوة والصرامة وأن اى احتكاك  من هذا النوع  يقود  الى
الهاوية  وأقلها  طلاق  شقيقاتة لمجرد
سمع  خبر   كهذا  .. وكأن المشاعر
الأنسانية  ليس لها قيمة  أبدا   فى ظل 

 ظروف غير  سوية ورفقا  بهن بالرغم  أنهن يملكن  كل   انواع  الحب  والحنان  لكنهن  لا يملكن فى يدهن   قرشا واحدا  أو حتى المساعدة. فأزواجهن
لايعطن  لأحد  منهن    مال فى يدة
مهما كان الأمر  والأحوال ... وكم
هو يعلم أن أختة لا يعطيها  زوجها
مليما واحدا  فى يدها ..  فقرر  
ان  يتسكعا  معا فى الطرقات  بحثا
عن ليلة القدر  او شىء يأتى  بالصدفة   ينقذهما من الموقف الحرج  .. حتى  انتصف الليل  بهما  وبدأ الليل
يرخى سدولة  عليهما    فأمتقع وجة
سليمان فهو الذى  وعد حنان بالأمان
وهو لا يملكة   حتى لنفسة أينما كان  وابصر أخر أتوبس  يتجة الى شبرا
كى يصل الى أختى الكبرى  المتزوجة  هناك  نظر الى حنان   ..  وأمسك بأناملها
الرقيقة بإمكان  وابتسمت حنان بإيماءة   وصعدا
معا  السلم ..  حيث إنطلق الأتوبس  لمحطتة
الأخيرة  يحمل الرجاء  والأمل  فى
البقاء بهما على قيد  الحياة  بعد أن إستنفذا  كل الوسائل التى تحفظ لهما المكان   ..  بعد أن  تحاورا  معا وقد
إقترح   عليها  خطة  قابلة  للتنفيذ ..
واصفا اليها  بيت أختة الكبرى وما
يحملة من أمان   وكيف  يتسللا  الية
إذا  كان الباب مفتوحا  فى هذا الليل
الظلمان  .. إما  إذا كان  الباب مغلقا
فلابد  أن تدخل وتدلف   خلفة  كالركبان
كأن بيت أختة مكونا من  ثلاثة  طوابق  والطابق العلوى  خاليا  من
السكان وتحت التشطيب  ...  على
أن يقرع  الباب    وهى  خلفة إن كان الباب  معلقا  وليس بالإمكان  تطبيق
ما كان  ..
على ان تدخل بسرعة  وتصعد الى
الطابق العلوى  .. وهو بعد أن يحصل
على أجرة السفر   .. يمكنهما أن يسافرا   معا   الى أمة  الحنون  يعرضا  عليها  المساعدة  فى ان تبقى
معها   بديلا  عنة   حتى يجد   عملا
ويعوضها   هذا الجميل  .. على ان
تحفظها بسلام  ...  حتى  يأخذ  تعهد
على  عمها  بألا    يذهب بها  مرة
أخرى  الى  سيدتها  مقابل مبلغ مادى
يقتطعة من راتبة  أن وجد  عملا ..
إما   ان لم يخصل على  عمل  فيظل
الحال كما هو علية  حتى تبلغ سن الرشد ... وظل سارحا  فى احلامة
.. حتى وصل الى  البيت   ولكن أختة
فتحية  أغلقت  بسرعة الباب   خلفة
وامسكتة من ذراعة  قائلة  كنت فين
بالليل  المتأخر  شىء  مريب  جدا ..
كان  سليمان  لا يخشى  إلا من زوجها الشديد  سى السيد .. كان قويا
جدا  وكانت  أختة فتحية  تؤدى دورها  أكثر  طاعة  وحبا واحترما
وخوفا من جبروتة كان ايضا  شديدا
على اولادة  غاية فى الشدة ..  تلعثم
سليمان ...  وصوت الكلاب تعوى  ..
وطفلة  فى  عراء  الليل  تصرخ  من
الخوف والهلع  .. ومن نبح  الكلاب
وظلمة الليل  الحالكة .. إنفطر  قلب
سليمان  وكاد ان يتوقف  وكلما  اتجة
تحو  الباب   كانت أختة وراءة  ترصدة  وتسحبة   قائلة  : ما داهاك
أنت  مش على بعضك ..  وتقرة وتستجوبة  وهو مرتعد  خائف  أن
يقول جئت  بفتاة ..  فيتهمونة  بالعربدة والفجور وبعظائم  الأمور
 وقد يكون فى الكشف عن  المستور
طلاق أختة  ..  ولا أحد   معة  ما
يمكن  أن  يقف   بجانبها  الا تلك
السطور ...     وعندما إستبد  اليأس

وساءت الأمور  وسمع   سليمان
صرخة  طفلة كأنها من رأسة  تفور  إندفع  الى الباب يفتحة  بكل قوة  ..
واندفعت وراءة أختة بقوة أكبر  وكأنها  ولأول  مرة  تستحث شيئا
 فى فتور  ..   وعندما  سليمان يصرخ   باحثا عنها  فى الأذقة  والحوارى  والدروب   ومازال يبحث
عنها حتى الآن  ...     ربما حدث  لها  مكروة  وربما التقطها  ذئب الليل
واصابها من ويل وكسور  .. وظلت
هذة الحادثة  تؤرق  سليمان  ليلا  ونهارا  ..  حتى بعد أن إنفجرت  ثورة  25    يناير    ظل  يبحث عنها

فى الظلام وفى النور   ويجلس  على
نفس الكرسى  فى  حديقة  ميدان النحرير   منتظر ان يمر طيفها  ولو
لحظة  ليكشف المستور .. ومازالت
أنفاسة تغور  ...  ويتعذب  كيف كان
أنانيا  لا قيمة  لة  عندما لم  يف بوعدة  وترك طفلة فى مهب الليل والظلام  ونباح الكلاب   عل أصابها
منهم كلب  مسعور ..   ولم يطلب إلا
أن يسامحة الرب الغفور .
       قصة قصيرة جدا بقلم / ابراهيم خليل
////////////////////////////

           (  2 )
     الجزء  الثانى من قصة
          سليمان  اليتيم
             -----
أشرأبت الشمس عن الأعناق  وبدى شعاعها  حراق  ..  بعد أن إنكسرت
أشعة الشمس  من اللهب  وبدأت أسنتها   تكشر  عن العضب  ونظر
سليمان فى الأفق  المتد  عبر جداول
النهر  التى أدركها  التعب .. وتحركت  الأيام  تنفض عما بها  من أرق  ..  رجع سليمان  مهدود  الحيل
وهو ينظر الى الدماء  التى يكرهها فى  السلخانة  أو المجزر  ... وكانت
الذبائح  تسحب بواسطة عجلات تتحرك  على  خشب  مقتضب .. وكان  على  سليمان  حك الجلود  وتنظيفها  مقابل   قروش  زهيدة  لا تساوى الجهد  والتعب .. إلا أنة  أستطاع  أن   ينتسب بالجامعة  وأن
يشترى  بعض الملزمات  والكتب
..  كان من الجهد  المبذول  ينام
كالذبيحة لا يتحرك  عن كسب .. وبدأت  رحلة الكفاح  من عمل الى عمل  وكأنة  من كل  عمل شاق يسعى  الى الهرب  كى يجد  فرصة
للدراسة  والتحصيل  والمستقبل المرتقب  ..  حصل على شهادة  الجامعية  بتفوق  ولكن مازالت أبواب
العمل موصدة  .. كل شىء  يحتاج
الى واسطة  ورشوة  .. إن  رغب
واستبد  بة الحال  أن  أقترب  من  رجل  أعمال  لة  صلة بشخصية
مرموقة  عرض  علية  أن يتوسط
لة فى ايجاد  فرصة  عمل   مقابل
وصل  أمانة  يوقعة  لمختار  باشا
بعشرة  آلاف  جنيها  ..  مقابل أن
يتنازل  عن نصف راتبة  أو تعرض
للسجن إن قدم   وصل الأمانة  الى
النيابة  ... وكان   سليمان  اليتيم  مضطر  الى الإذعان  والقبول والتسليم  بما  يراة  الفرصة الأخيرة
بعد أن اعياة  البحث  عن فرصة  عمل   رغم  التقدير  الذى   حظى
بة  فى شهادة  التخرج .. ودارت
الأيام والشهور   وهو  يستقطع
نصف راتبة  الشهرى  الضئيل ..
واثبت كفاءة  نادرة  فى العمل ..
فتم  تثبيتة  وأصبح  رجلا   عاملا
فى الدولة   لكنة أسير  إستقطاع
نصف  الراتب   .. الذى  يطير
ويتبخر  قبل ان  ينتصف الشهر

ويشعر بفجاعة   إيصال الأمانة
علية ..  وبنظرتة الثاقبة  تلاحظ
وجود  أسماء  لمتوفيين  فى كشوف
الإنتقالات   بأكثر  من   ربعمائة إسما
على الأقل  .. فى متوسط  مبلغ  ثلاثين  جنيها   وتم تدوين هذة الملاحظة  من  الفساد  ونهب الأموال  والتزوير  والإختلاسات .. وتبين  أن

  هناك   أكثر  من مائتى  شخص

يوضع أسماؤهم  بصفة دورية  فى

كشوف المكأفات  والعلاوات  والوقت
الأضافى والجهد الذائد  وفى  كل
اللجان من المشتروات والمبيعات  ومن  المخازن والتخزين  وكشف
الإنتقالات .. وتعددت البلاغات

بهذة المخالفات   مما إضطر   سليمان
الى تقديم    بلاغات  وشكوى  بما
رصدة  ...  وجد   مختار افندى  يقدم
إيصال الأمانة  الى النيابة  ..  بكت
الأم  الرءوم  حال إبنها  وما وصل
الية  ..  وليس فى حوزتها  أو ملكها
إلا   هذا  البيت  التى  تقيم فية  بعد
أن توفى زوجها  وتركة لها  ورث
عن ورث   فإضطرت  الأم  الى
رهن  البيت  مقابل   مبلغ  إيصال
الأمانة  حتى تنقذ إبنها  من السجن
..  وضحت  وسط  هذا الحشد  من
الألم والعذاب والفقر  والبؤس والحرمان  .. وما كان سليمان يتخيل
أن  مختار  أفندى سيغدر بة   لمجرد

أنة   كشف  فساد  لا حدود  لة فى

كل مرافق   المصلحة التى يعمل بها

وحجم  الإختلاسات  والتزوير  والسلب  والنهب  ...  ولم يستقر الأمر  على هذا   النحو  بل  عمدوا

كل المسؤلين بالمصلحة  الى التكيل بة  ووضعة فى القائمة  السوداء
..   كان أكثر  العاملين  يوقعون  حضور   ثم ينصرفوا كل الى عمل
آخر   إلا   سليمان    فحسابة  بالثانية
وبالدقيقة   ولو   تجاوز  ثانية  واحدة
فهناك  الخصم من راتبة  حتى أضحى  مابين ناريين   لا يستطع
أن  يفك  رهن البيت  والمدة  المحددة
إقتربت  وإلا أصبحت أمة مطرودة
فى الشارع ..  تراءت  الية  فكرة  أن
يبلع الجهات  الأعلى والمسؤلين  فى
الدولة عن   حجم الفساد  والكارثة التى  تهدد  البلاد  ..   فكانت تؤشر
على البلاع بكلمة    يرجى  التحقيق
فى الأمر وإطلاعنا  عن نتيجتة ..
 ويرى  سليمان   أن كل جهدة  يضيع
هباءا  فلا فائدة   وسمع  المثل  الذى

يقول ( مافيش فايدة ) .. فالبلاغ  يحقق  فية المشكو فى حقهم  وهم الذين  يردون   بأنفسهم  على ما إقترفت أنفسهم  وكان  صالح  وحسن
وعدلى  وقاسم  وهم  قائمة  الفساد
يمسكون  بالشكوى والبلاغات ويلوحون  بها ويخرجون السنتهم  بمعنى  أن شكوتك يا سليمان  تأتى
الينا نحن لا غيرنا  لنقول كلمتنا أنك
مازلت  صعلوك  بين الملوك   ويلك

منا  .. فقد ثبت فساد ولاؤك  لنا  واصبحت  جاسوسا علينا .. فلابد

أن نخرجك  من العمل فورا .. وكانت
البداية البحث  عن وظيفة جديدة  لحامل  البكالوريوس   فى مصلحة
حكومية   أن يعمل بوابا  للمصلحة
وتم إعتماد  هذة الوظيفة  وتم التأشير
عليها من وكيل  الوزارة  مخالفين كل
اللوائح والنظم والقوانين  والتعليمات
وحتى القرارات   .. واصبح سليمان
يمسك  دفتر    دخول الأغراب  الى
المصلحة   يسجل بيناتهم  قبل الدخول
وكأن فرد أمن  مستبعد ...  والا  قدم
أستقالتة   .. وتم التخلص منة  وهو
لم يستطع أن يستقطع من راتبة  عشرين  جنيها شهريا  كى يفك  الرهن  وإن ترك  العمل لن يجد  قوتة  .. ومرت الأيام كئيبة  قاسية
ومادونة من   إختلاسات  يفوق الأربعين مليون  جنية  .. نتيجة  خطط  جهنمية    يعملونها    فالخطة
تضع  اشخاص مواليين  لرءساهم

يتقاسمون معهم   نسبة عائد الفساد

اى بنسبة    الربع  .. يأخذ  المدون
إسمة  ربع المبلغ  ويرجع  الثلاثة
أرباع المبلغ  الى المسؤل  التابع لة
ثم تفرغ  فى كشوف  وتقسم بينهم
العشرة  المختارين  بنصيب الأسد
.. تراءى  لسليمان  أن يبلغ  وزارة
العدل رئاسة الجمهورية   كل مسؤل

فى البلد لكبح الفساد  ومنع الإختلاسات  لكنة فشل  واصبح مطرودا  منبذوا  ...  وكانت فرحتهم
شديدة عندما  علموا أن  والدة  سليمان  قد  طردت  من بيتها   وحجز  علية نتيجة عدم السداد  علما
بأنهم مع الفاسدين  يجمعون بعضهم
فى هذة المناسبات ويساندون    بعضهم  بعض إلا  سليمان .. ماتت
أم سليمان  كمدا  ...  وبكى سليمان
كمن  لم يبك  من بعد  ... ومازال
يصرخ  ألما   وقهرا  وكمدا   لكن
من يسمع صراخة  وصوتة إلا رب
العالمين .
قصة قصيرة بقلم  : ابراهيم  خليل
/////////////////////////////////////////
  




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة