قصة الست شفيقة == 1=
سيد الرجال .
----------------------
ضاقت الحياة بذلك الشاب اليافع سيد ..
ولكن
الصبية الصغيرة الجميلة شفيقة لا
تمل ولا تضيق وكم كانت صلبة قوية الإحتمال .. كانت صابرة تتحمل ..
كما كانت قوية تحمل
على كتفها أثقل الأحمال
فقد كانت تحمل أردب القمح
على كتفها وتذهب بة الى ماكينة الطحين لطحنة
وتجهيز قدر منة يكفى لعمل الخبز .. وبذلك
كانت تطمئن أن فى البيت
عيش وملح .. فلا تضج بحال من الأحوال .......
وكانت دايما تقول ناكلها بدقة ونعيش مستورين ..
مرتاحين البال ..
وكان زوجها
السيد يتركها فى هذا البيت المنعزل .. وهو مطمئن
أن فى البيت دقيق وخبز يكفى لشهور لا أيام .. ومادام
الدقيق فى البيت
منشال .. فيظل مستريح
البال كما يعلم أن بيتة صغيرإيجارة زهيد سهل المنال لكن
كان الإنشغال
لأنة
نائى بعيدا عن العمران .... وكانت
الصبية شفيقة فى هذا المكان بالذات ترتعد من الخوف وتموت
فى جلدها ألآف
المرات ..
فكم قاست من الخوف ومُر الأهوال ..
وهى تبصر
بعض الرجال تتلصص وتحوم حول المكان دائما
وتتجول
بإستمرار ..فهم لا يريدون فقط إلا أن يفوزوا بنظرة واحدة
أو يطلون على هذا الجمال ... من خلال هذا الثقب فى الشباك أو
فتحة فى الجدران وأن يبصروا بعيونهم من تكون هذة الصبية الرائعة
الجمال القابعة فى هذا البيت المتواضع هل من البشر أم ساحرة .. أم من الملكات
ويتساءلون هل هنا سحر أم هذا محط خيال .. وكان النظر من خلال ثقب صغير
فى الباب أو الشباك يعطيهم فرصة للتلصص على هذا الجمال وكانت
تقر عيناهم وهم يبصرون شفيقة تتخفى بالشال لتكون بعيدة عن الأنظار وكم
أدركوا أن وجودهم يسبب لهذة الصبية الجميلة كل وبال كانوا لا
يريدون قلقها وخوفها منهم كان كل منهم يريد أن ينصرف فى الحال
.. وكانت الصبية
شفيقة تموت فى جلدها
من تلصص الرجال عليها
وما يجر هذا التلصص من ألم وإنفعال .. فتصرخ عندما
يأتى زوجها
والدموع تنهمر من عينيها كالسيل قائلة : إنت سايبنى لوحدى فى
المخروبة دى و برعشة تصدك فيها أسنانها وترتجف أوصالها تسترد قولها قائلة ارجوك
ياسيد أنقلنى من هذا المكان أنا
مش قادرة أتحمل أنا فى خطر شديد بشوف كل يوم
الأهوال .. ممن يتلصصون من ورا الباب
كالخيال .. وانا صابرة
صبر الجمال
ولما بخبى وشى وأضعة فى
الوسادة روحى بتطلع وبتروح منى فى الحال حموت
مخنوقة
يا سيد لا أتنفس
عشان محدش يشعر بوجودى
فى الدار ..أرجوك إن كنت صحيح بتحبنى ياسيد ..إنقلنى الى مكان
آمن .. عايزة أعزل ياسيد من المكان ... ينظر اليها
زوجها السيد برقة وقال : طبعا بحبك ياست الستات
إمال انا سايب الدنيا كلها وجاى هنا
لية .. تنظر الية شفيقة بإستعطاف طب نعزل فى أى
مكان آمن .. يقول
زوجها السيد : ومنين حندفع الإيجار
إنت عارفة انا بجيب فلوس الطعام بالكاد تمن
شراء طقة واحدة .. معلش الصبر يا شفيقة ربنا
معانا ويحفظك لي يا أحب واحن
وأجمل زوجة فى الدنيا كلها... تنظر إلية زوجتة
بنظرة حانية وتقول
: انا ممكن اصبر على الأكل لو حربط حزام على بطنى أو حتى
حجر وعمرى ما حا اشتكي فى يوم من الأيام لكن الخوف يقتلنى كل يوم
من الرجال .. اللى بيلفوا حوالين البيت ليل ونهار .. لما تكون موجود
خلاص مابخفش انا عارفة إنك سيد الرجال وبحبك كتير ياسيد لكن الخوف
وإنت بعيد عنى
بخاف من نظرات الرجال .. وتسترد قائلة البيت شباكة
واطى و اللى جواة بيبان ..وانا مكشوفة قدام الخلق وقدام اللى بيتلصصوا
ويبصوا عليّ من الفتحات فى الباب وقاعدين يتهامسون ورا الشباك
أعمل إية يا سيد زهقت خلاص مش ضايقة وكمان دوارنهم حوالين البيت
وخطاوى رجلهم بتدبدب كمان .. دول بيدخلوا راسهم من الشباك
أنا بسمع همهماتهم وهمساتهم وتنفسهم والسعال ... كفايا ياسيد
كدة سايقة عليك النبى تشوف لينا بيت آمن نعيش فية بهدوء بعيد عن عنين
الناس يقول زوجها السيد : الناس الناس أحنا سبناهم فى كرديدة هم
ورانا ورانا أعمل أية فية فكرة .. بقترح عليك تلبسى نقاب
يمكن دة يبعد عنا الشر شوية .. تهمس وتتمتم شفيقة
الزوجة الصغيرة التى لم تكتمل
السن القانونية للزواج قائلة:
اللى تشوفة يا سيد بس نبعد من هنا
وكان سيد يعلم أن المأذون بتاع البلد
عقد القران وكان من بخت
السيد أنة لم يشاهد وجة الصبية شفيقة
بل بعث من يأخذ منها
الموافقة والإستئذان ويوقعها على ورقة ليطمئن ان
الزواج تم برضا الزوجين لا جدال ..كما أنة بطبيعة الحال .. كل
مأذون بيدور على جنية زيادة وهى
دى طبيعة الأعمال اللى بتكون مفتوحة وغير
محددة بميزان فهو يريد أن يسترزق مادام يجد
قرش زيادة .. سرح السيد فى كيفية حدوث الزواج بهذة
السرعة التى لم يتوقعها بحال من الأحوال .ونظر الى زوجتة
نظرة إمتنان للة
إنة منحة زوجة بهذا القدر الطاغى من الجمال لكن هيهات .. فالسيد يحفظ القرآن
كاملا .. وإيمانة باللة وضع على قلبة حجر فهو يؤمن باللة
وبقدرة خيرة وشرة لكنة نظر الى زوجتة وقال : ربنا
يسهل إحنا آخر الشهر نعزل ياشفيقة من السكن دة ..
-------------
كانت على شفيقة أن تحشى لة الكرنب كما قال
لها
زوجها السيد .. بعد أن أحضر لها
مستلزمات الحشو من( شبت وبقدونس
وكزبرة) .. فيجب أن تشترى الكرنب أولا من مكان فى آخر
الطريق الطويل الذى يمر بحقل بيع الخضروات وكانت عليها أن
تنطلق مبكرا قبل عودة
الرجال من أعمالهم ومحاولتهم التجول
حول البيت بإستمرار ... وكان البيت
الصغير الضيق المتهالك
والتى تسكن فية هذة الصبية والزهيد الإيجار .. لة شباك
واحد صغير جدا وضيق .. واسلاكة متهالكة وقد
تساقطت منة الكثير بعد شدة وجذبة من الشباب للتلصص والنظر
الى ما بداخلة ممن يريدون أن يشاهدوا هذا الجمال
الفائق خلسة..أو من وراء ستار ..
ورتبت شفيقة أمورها على أن تستيقظ فى الصباح الباكر
وتذهب مسرعة الى الحقل
القريب من المنزل حيث
ستجد مساحات مزروعة
من الكرنب على إمتداد الجهة الأخرى
من البيت حيث يعتبر هذا البيت هو
الوحيد الذى أقيم
فى هذة المنطقة النائية
عن العمران وقد وجد البيت أصلا لمزارع قد يقوم بملاحضة
الزرع الذى يملكة هناك
و لجمع المحصول
ولذلك تم تأجير هذا البيت بثمن زهيد لبعدة عن
العمران ولم يكن فى الحسبان تأجيرة أبدا للسكن ..إلا أن صاحب
السكن وجد فى قدوم السيد وزوجتة إستحسان بهجة للمكان
عندما أيقن أنة سيعلق بالجمال .. وكان زوجها السيد يسعى لمنزل
بهذا الأجر لعدم وجود مال كافى
لإيجار مسكن مناسب وكان هو
السبب الوحيد فى إستئجار هذا البيت فى هذا المكان
وحكى وقد ذاعت الحكايات أن فى هذا المكان مزارع شقى
ممن لة سوابق فى الإجرام وكم
روى عنة حكايات وحكايات موجود فى هذا المكان
بالذات ومما
قيل عنة أنة قتال قتلة ..
وكانت (شفيقة) .. تصدك أسنانها وترتعد فرائضها عندما تسمع هذا
الكلام وأنها محاطة بخطر من الخلف ومن الأمام وتبدو مترددة فى الخروج
خوفا من هذا الرجل الشقى الذى ذاع صيتة
على إنة سفاح
النساء وقاتل محترف ...
ولكن حب شفيقة لزوجها (السيد) .. وطلبة أن يتناول
الغداء (محشى الكرنب بالذات ) .. جعلتها تغامر بالخروج لتلبى رغبتة فى
تذوق الطعام الذى يحبة وخاصة وإنة أحضر لها للخضار لإعداد
المحشى ولحشو الكرنب وطهو الطعام الشهى الذى ينتظرة زوجها الحبيب ..
وبسرعة إنطلقت شفيقة مرتجفة الأوصال خوفا ان تنال منها الأخطار وخاصة
والمكان موحش ملىء بالزراعات والأشجار الكثيفة والقتل هنا
قد يدار
دون أن يستدل على الجانى حتى فى عز النهار .. واستطاعت
شراء كرنبة على وجة السرعة وفى أثناء العودة كانت ترتجف
خوفا وترتعد فرائضها وفى اثناء سيرها وهى تبتهل للة أن
تعود سالمة..
سمعت صوت أجش ينادى عليها : قفى عندك يا ولية نظرت
حولها وقد فكت أوصالها وبدت وكأنها عاجزة عن الجريان ..
ونظرت وعينيها الجميلتين هلعة فوجدت رجل مفتول
العضلات وشاربة غليظ وطويل يقف علية الصقر كما يقولون ..
ووجه
شاحب منحوت كالصخر وصارم وقاسى
الملامح كالقلاع .. وبسرعة عرفت وأدركت من وصف الناس
لهذا السفاح أنة هو وقد إنتهى عمرها الآن ..
( إنة أبو شمار ) .. الذى
كثرت عنة الأخبار
ذلك الرجل القتال قتلة ..
فهلعت وغاصت فى ركبها وارتعدت فرائضها وتوقف لسانها بعد أن جف لعابها
فجأة فنظر اليها ابو شمار قائلا : سبحان اللة الخلاق
.. لا تخافى يامرات السيد .. روحى اذهبى فى أمان اللة ..
لا تخشى شيئا فقد
أذنت لك بالإنصراف فى
رعاية اللة ...........
اللة يسهلك .. ويحفظك ..
إما هى فلم تنتظر الكلمات
فقد أدركت أن عمرها إنتهى وتركت ما إشترتة من الكرنب حين
سقط من يدها ولم تلتقطة ولم تصدق ما سمعتة بأذنها ولاذت بالفرار
واخذت
تجرى وتجرى بما منحها اللة من قوة بعد أن تجمدت أوصالها أكثر
من خمسة دقائق حتى وصلت الى باب البيت لا هثة واغلقت الباب
خلفها بقوة .. وقد حدث لها إنهيار وأغمى عليها وفقدت وعيها ولم
تدرى ماذا حدث لها بعد ذلك ..
وراحت فى غيبوبة تامة
ونوم عميق ... إستفاقت حين طرق عليها زوجها
السيد الباب فلم
تسمع اى طرقات فى بادىء الأمر فأوجس السيد زوجها خيفة عليها
ماذا حدث وظل يطرق بشدة وإشتد طرقا على الباب حتى أستفاقت وصرخت
بفزع وقالت : مين على الباب فقال لها زوجها أنا
السيد
يا شفيقة إفتحى .. ففتحت
الباب وهى مازالت ترتجف .. وقصت لة حكايتها وقال
لها أنا لقيت الكرنبة ورا الباب ياشفيقة
فقالت لة بلهفة بالغة : صحيح ياسيد .. الحمد للة اصل انا
ممعيش فلوس أجيب تانى غيرها .. وأدركت إن أبو
شمار لم يكن يريد أن يؤذيها فحمدت اللة لنجاتها منة ..
وعلمت أن ابوشمار حملها بنفسة وتركها أمام باب
البيت وانصرف دون أن يحدث اثار ... وبدأ زوجها
سيد منذ هذة اللحظة
بالبحث عن بيت آخر
وهو الوسيلة الوحيدة لعودة الإطمئنان الى شفيقة
زوجتة
وراحة البال .. وفعلا إنتقلا
الى بيت آخر أكثر هدوءا لكن بأجر مرتفع ..
كان البيت الجديد يخوص فى الرمال كما إعتاد الحال
البحث عن بيت أجرة
زهيد من المال ...كان الزوجين سعيدين بتغيير
المكان .......
وإستوقفنى هذا الجدال ..
كيف لهذا الجمال أن يكون هذا مسكنة ..
أصنع هذا
فى الحال أم أن هذا موضعة أم صنع من الرمال
أو من حمرة وجنتك ..
أم إنة عزف على الناى حينما كان الشروق مطلعك ..
أم إستبدت بة الألحان لتحى
إبتسامتك .
-------------
وها قد غمست فرشاتى فى الألوان أستقطب الظلال
وأرسم لوحات فيها الجمال .. من فكرتك وأفكارك.. فكان
قدرى أن
أسجل على هذا المنوال حكايتك :
حكاية صبية فاتنة الجمال
قدرها أن يكون الضنك نصيبها والفقر حمل مثقل عليها
كالجبال .. لم يحن
بعد يا فاتنتى
الترحال .. فقد أصبح
هذا المكان مسكنك .. بالحب وبالألوان مزان هكذا أمسكت
بفرشاتى أستقبلك والملم الألوان
واعانق بضحكتك أعالى السحاب
وأرى فى زرقة عينيكى الممتلئة
بالحب والإيمان مثال
لفطنتك .... وضوق بلا إهمال .. نظر السيد لزوجتة شفيقة فقد كانت
عينيها تستحم فى زرقة أمواج البحر المتلاطمة
فتضىء كالنجوم فى السماء
وينسكب بريقها على الهضاب والجبال
وكأى إمرأة فى جمالها قد تعجبك فى الحال .. فشذى عطرها من
المحال أن ترى
مثلة فى الشد والإنجذاب إنة فواح جذاب من
المحال أن يعثر علي أعشابة المتوجة فى الهضاب والتلال ... أو
حتى فى أعماق لوحتك المرصعة بالجمال .. فقد كثر رسم لوحتك وهة من أروع
اللوحات تبرز فيها فتنتك وتستهل بطلعتك كل انواع الرقة والدلال ..كنت
ابحث فى
نوع الأعشاب فى الجبال أو عن خلطة
أو وصفة أستقدمها من عطر الربيع والجمال ..
وتفتح الأزهار .. البعيدة والقريبة المنال
وابحث عن أين يقطن
العطار .. ويخلط من ورود وأزهار .. كنت أنظر للحياة بمنظار .. أرى
فية
كل الوجود أسرار ... ومن يعرف سرك فأنتِ
كالنهار فى ضوئك وفى تسابيح
القلوب والأذكار .. أظل فى فكرك حين تنهض الأفكار ..كنت
اتابع حفلات المساء عندما يطول بى الإنتظار ..
تنتهى مواسم الشتاء و توقف الأمطار ..أنتظر مطلعك..
وأعرف من أين يبدأ المسار .
---------------
أغمس قلمى فى بحر الكلمات وأغوص بقدمى
فى عمق المحيطات ..أستشف العبارات أستكشف أغوار الذات والتقط
بأناملى فصوص
اللؤلؤات.. بعد
طول معناة وإنات ... كان
يشدنى سحر هذا المنظر
فأسجل الكلمات .. كانت
شفيقة الزوجة الصبية تعيش حياة بائسة ولكنها
كانت صابرة متحملة راضية وقد أنجبت بنين
وبنات .. كان البيت على
الرمال والسقف لا يحجب
الأمطار .. وكان الأب يفرش لأولادة وبناتة
تحت السرير سجادة ويقوم بتغطية الأطفال
ويتلقى المطر المسال هو
وزوجتة فتنتابة الكحة والسعال .. حتى ينتهى
موسم الأمطار .. فقد قاسى
الكثير وهو يضمد السطح ببعض أوراق الأشجار والعشب
والخشب ولكن شدة الأمطار كانت تزحزح
كل شىء لتصل الأمطار
الى كل شىء فقد تغرق السرير تماما وقد تنزل الأم
لتضع صغارها بين أحضانها لتدفئتهم ..
واحيانا الأب يجمع قطع
الأخشاب ويشعلها فيبتهج
الأطفال بالدفء .. ومهما
طال الشتاء .. فقد كان دفء الحب بين الأسرة
يقويهم .. ولا اعرف يعرف مايقسون وكأنة قد
أغلق الستار ..
.. وقد رحل الأب
ولم يكمل الخمسينات .. رحل وترك لها كوم من
اللحم لم يجدوا الفتات ..
كانت إبنتها فايزة تبيع الحلوى عند مدرسة البنات
تحمل عن كاهل أمها عبء هذة المشقات ..
والشتات ... وقد كبر إبنها
محمد وبلغ الرابعة عشر من عمرة .. وقد
كان أذكى تلميذ فى فصلة لكن
حاجة الأسرة لعملة بالذات
ليخفف العبء عن كاهل الأسرة ... فكان
دائم العمل بعد الظهر فى محل
سيارات ... ورغم تفوقة بين أقرانة التلاميذ
إلا أنة
سمع عن وجود لا فتة
لمن يريد العمل فى إحد
الثكنات .. والكل يقدم طلب الوظيفة من الشباك
وكان علية أن يضع قوالب الحجارة
ويرصها فوق بعضها حتى يستطيع تقديم طلبة بالذات .. لكن
من أخذ منة الطلب نظر الى وجهة وادرك
أنة صبى صغير ولا يتحمل العمل فى هذة الثكنات ..
ونظر الية فوجدة قد وضع
الحجارة ليقف عليها فقال
لة يا بنى هذا العمل للرجال
ولا تصلح للعمل هنا فإشتد
بكاؤة وأنينة وقال إن أبى مات وانا اريد أن أصرف
على اخواتى البنات .. فرق
قلبة لهذة التوسلات وأخذ طلبة وقال لة عليك فى
إلأختبار الأثبات عليك الحضور فى 3 /7 هذا
ولا تخلف الميعاد .....
وانتظر الصبى الصغير
محمد هذا الميعاد وقلبة يخفق ويشتد بة الرعشات كيف
يثبت وعلية إصلاح
المعطب من السيارات ..
وكان على دراية تامة كيف
يقوم بأعطاب السيارات وإصلاحها عن طريق فص الثوم الذى علمة
لة صاحب الورشة التى يتردد عليها دائما بعد أن وجد
فية الذكاء وتقبل العمل والجهد الذى يبذلة دون
إنحناء .. وادرك لعبتة المفضلة فقد وضع
مايمكن وضعة عن طريق
خفة وزنة وسرعتة فى الإنطلاق فقد وضع
فص الثوم ليتعثر الآخرين
عن تشغيل السيارة مهما
أصلحوها فهى لن يدور محركها قبل تنظيف فص
الثوم اى زيت فص الثوم
وتعثر العديد من المتسابقين وجاء الدور علية فقام
بعد محاولات خداع وادرك الن لاجدوى من الإطالة فالوقت
محدد وقام بمسح الثوم وقام بتشغيلها فجأة فصفق لة
الجميع وسجلوا لة النجاح بإمتياز والتحق وهو صبى صغير بالعمل مع
أعتى الرجال .. كانت المواقع المختلفة تخلق الأزمات
وكان على الصبى تحمل المسؤليات
إذ أن مبلغا من المال سيسهم فى
النفقات وسد
الأحتياجات .. كانت الأم
الرءوم ترفض أى إرتباط
أو زواج رغم كثرة الخطاب من أجل أطفالها الصغار ..
ورفضت كل عروض المتقدمين رغم ما في العروض من إغراءات
وأن تعيش عيشة الملكات .. رفضت شفيقة
كل العروض وأغلقت الباب نهائيا أمام كل العروض
والطلبات .. لم يعد يشغلها
إلا تربية أطفالها وتعليمهم
مهما كانت التضحيات ...
كان سليمان طفلها المدلل
تحكى لة أجمل الحكايات
وكانت حين تتكلم ينصت
لها بإهتمام .. ويستعيب كل ما قالت وكان أحمد أخو سليمان
يكبرة بسنوات وكان محمد أكبر الولاد
والبنات .. كانت الأيام
تمرا والسنين تدور دوراتها
وتكثر لى الأم تحمل الإلتزامات .. كان مايعطية
إبنها محمد لا
يفى بكل الإحتياجات ..
فهى ملزمة بتدبير الطعام
من هنا او هناك وكان آخر
الشهر لا تجد أى نقود لشراء الطعام ..
وكانت
العمة حميدة عمة الأولاد
تعيش فى بحبوحة وثراء تام فقد تزوجت من رجل ثرى فهى
تمتلك مساحة كبيرة من الجمال
جعل جميع الشباب يلتف
حولها يريدون ودها ولكنها
إختارت بعقلها وقلبها رجل
من أحسن الرجال صفات ومال .. لكنها كانت بخيلة
تحب المال حبا جما .....
فتذهب اليها شفيقة أم الأطفال تستعطفها
أن تقرضها جنيها واحدا تشترى بة الخضار لتجهز
الطعام لأطفالها الجياع .....
وتنتظر الأم أن تستجيب
لها .. رغم أنها تعلم أن
شفيقة لن تتأخر عنها عندما
يعطيها إبنها محمد
راتبة آخر الشهر ويأخذ منة مايكفية لنفقات الإنتقال
والمواصلات وطعام الإفطار .. فهو يستيقظ
مبكرا .. ويتحرك قبل أن
ترسل الشمس شعاعها الذهبى على المكان .. كان
قلب الأم يدق دقات متلاحقة حتى يرجع
إبنها
فى المساء...
ويطول إنتظار الأم والعمة
حميدة تتجاهل النظرات ..
وكانت الست تريزة التى
تسكن منزل العمة فى الدور الثالث ..
تحب شفيقة وتوليها الإهتمام وتعلم جيدا أن
حميدة ستتجاهلها حتى آخر النهار والسوق الخضار
على وشك الإنتهاء .. وهى
كم تلمحها وهى صاعدة
وكم ترحب بمقدمها فى كل وقت من الأوقات .. صعدت اليها
الست تريزة فوجدت
الدموع الساخنة تبلل وجنتيها فتقول لها تعالى
يا ست أم محمد ... أنا عيزاكى لأن الست حميدة
حطنشك .. ولا داعى للإنتظار .. وتأخذها فتقدم
لها الخمس جنيهات والشاى والكعك ..
وتقول
لها ماتحاوليش تستلفى تانى من الست
حميدة دى
ست معندهاش قلب أى شىء تعالى عندى وانا
عينيى ليكى .. واصبحت
الست تريزة هى الملجأ الوحيد لها عند
الأزمات ..
إما الست منيرة وهى أيضا من العمات وصاحبة
أملاك عندما تحتاج وتلجأ اليها حين
تشعر أن أولادها لن يتناولوا الغداء
تذهب اليها وتقول شفية لها أى حاجة بس عقبال
مايجى إبنى يحسن العيال منتظرين الطعام تنظر اليها الست
منيرة قائلة : واجيب لك منين يا حسرة
.. وعندما أخذت الخمس
جنيهات وذهبت الى السوق
وكانت تسترخص الأشياء
أو تأخذ بواقى الأسماك أو
تشترى بواقى البطاطا ..
وتحضر الطماطم والخيار..
وتجهز لأولادها على وجة
السرعة وعند العشاء كانت تكتفى بأن تسلق لأولادها
البطاطا ... وهى عند أطفالها قمة المراد ... كان
سليمان ينظر إلى أمة معاتبا .. العيد قادم
يا أمى
وليس فى رجلى شىء
البسة أريد حذاء .. فتقول
لة لما أخوك يقبض إنشاء
اللة فيرد قائلا : أنتى قلتى
لى الشهر اللى فات والعيد
قرب وأنما بحاول اساعدك
ما بطلبش منك لا كراريس ولا قلم ولا أستيكة ولا علبة
الوان .. تنظر الية الأم باسمة وتقول : ربنا يخليك
لي وتعوضنى خير أنا عارفة أنك
بتختصر وتمسح بالأستكية وتكتب تانى فى الكراسة ينظر
اليها سليمان ويقول : الكلام دة كان زمان أنا دلوقتى
بحل لزملائى المسائل وآخذ عليها مقابل أم كراسة و
قلم أو أستيكة
أو علبة الوان .. وانشاء اللة
حعمل لهم حصة تقوية بفلوس بس لما أكبر شوية
عشان مش حيقنعوا بأنى
مدرس صغير إلا لما يئون
الآوان .. تنظر الأم الية بحنان وتقبلة إنشاء اللة ياسليمان
حتعوض أمك عن
الحرمان
------------------
كان الليل قد أرخى سدولة
دون إستئذان .. وأغلقت أنوار الجيران .. فأوقد سليمان
لمبة الكيروسين
مستعدا لأن يستذكر دروسة بأمان ... ويقوم
بذلك بإهتمام .. وأمة تقوم
بصنع الشاى تشجيعا لة
على هذا الإهتمام .....
تحركت عقارب الساعة
الى الأمام وسليمان يستذكر دروسة بإهتمام
والدنيا حولة فى صمت تام
وكأنة يدخر للمستقبل قبل
فوات الآوان .. وكانت
أختة عايدة تستيقظ
لمتابعة دروسها
بإنسجام
كان الجوع قد أنهكهما فتقول لة أختة :
أكيد إنت
جوعان زى ... فيحضرا
الملح بدقة ويتناولان بالخبز ما يكفيهما قبل
المنام ...
تذكرت الأم كيف كان الشقاء مخيما والبؤس
مجسما وكل شىء فى قلبها
محطما عندما تجد فلذات
أكبادها يفرحن عند تناول
الخبز بالملح والدقة وكم
شعرت أنهم حقا أيتام .. تذكرت الأب وكم عانى
حياتة من الترحال لأيجاد
الكساء والطعام لأولادة
..
لكن الحمل قد ثقل عليها
فأصبحت لا تنام .. ثقل الهم
وكثر الغم عليها لكنها صابرة وتعلم أن اللة
سيوافيها أجر صبرها إن
لم يكن فى الدنيا ففى الآخرة خير مقام...
تنهدت
الأم وقالت : أعمل ليكو الشاى يا ولاد
---------------
فتقول عايدة : لا يا امى خلاص حننام
ترد الأم تقول صحيح ياولادى لا الجعان يجيلوا
نوم ولا البردان يجيلوا نوم ولا
الخايف كمان ..
والحمد للة إحنا لسة فى الصيف .. تعالوا ناموا
واتدفوا جنبى..
تتحرك الأيام ممسكة بالزمام ولا شىء يبدو فى الأفق .
حلو المقام .. غير تلك الأمانى والأحلام .....
--------------
تنكسر أشعة الشمس على موج البحر وحين يخضر
النبات ..فتومض شعاعة
كالبرق على كل الجنبات ..
أعشق هذا الأسم وتلك الحكايات .. واتلهف على
هذا الرسم .. حين يرسو
تاج الملكات .. أكتب الى
كل العشاق وأمسك بالسهم
حين ينفذ مخترق الجبهات
أحلم بالنور .. وذاك الضوء النافذ
إلى الصدر
واسجل روايات .. كم من العمر مضى وانا ارقب البحر
وتلك السنوات التى
تمر مرا .. باحثة فى الذات
.. ماذا دهاك أيها
العمر كم
كنت معمرا حينذاك .. تسقطب الأمواج
جبينك الحر .. وترسم منحيات ..
ويلفعنى عطر الدهر فأجثو
وقد أرتكب بعض الحماقات
بدأ سليمان يدون تلك المذكرات وهو يعلم لا
أحد
يهتم بهذا الإثبات .. كان
الحلم واردا فى الفؤاد .. وكان على سليمان أن ينفذ
وعدة بعد أن زاد عمرة عدة سنوات ها قد أصبح
فتى يافع .. الكل يلقى
علية بالنظرات .. كم يستدل
على عمرة .. وكم عمرة
من السنوات .. كان قد بلغ
السادسة عشر ربيعا .. فتى يافع حلو
القسمات ..
يحمل فى عقلة ما حفظة
من قراءة ومعلومات ...
وكيف يتقن إعطاء الدروس بالذات ... فقد
إنتقل من اعطاء الدروس
مقابل قلم او أستيكة أو كراسات .. الى مبالغ نقدية
وصلت الى بضعة جنيهات
.. أقام مجموعة دروس
خصوصية .. وفى إحد المجموعات .. أبصر فتاة
قادمة تسأل عن الأستاذ سليمان .. فنظر اليها
ماليا
وقال : أنا الستاذ سليمان
وقالت لة أنا أيضا شربات
من قرية ميت بشار وقد
سمعت عنك أنك تستخدم اللوحات فى الشرح ..وتقدم
أهم المعلومات بطريقة حديثة وقد جئت اليك على أمل
أن تعطينى درس خصوصى لا درس فى المجموعات .. وسوف
أعطيك ثلاث جنيهات بخلاف حق المواصلات
فإن قبلت فهذا عنوانى هناك ...
-----------------------
كان قدر سليمان ألا يرفض
فقد يبلغ أجرة خمس جنيهات بما فيها
المواصلات .. وتحقق حلمة أن يساعد أمة فى النفقات .. وفى
أحد الأمسيات .. وهو يعطى
فى المجموعات المتأخرة
رجع ألى منزلة يتناول
قطعة جبن فى هذا العشاء
سمع طرقا على الباب ..
فتح الباب فى ذعر .. فلم
يتوعد أن يقدم أحد فى هذا
الميعاد ... فوجد شربات
أمامة تقف فى ثبات وقالت
لة : ممكن أدخل فقال لها :
إنتى مش عيزانى فى البيت أبات أمى لو صحيت
ستعطينى أقصى العقوبات .. ستطردنى من البيت ولا اجد لي مكان فية
أبات ..
فقالت ببرود : يعنى إية هل من الشهامة أن
تترك بنت فى مهب الريح أنا جيت أزور
أخويا المقيم فى قسم النحال
فوجدتة مسافر هو وزوجتة
إنتظرتة عدة ساعات وعندما لم يحضر سألت الجيران
فقالوا إنة سافر هو وزوجتة من ساعات .. ذهبت
لموقف الأتوبيسات فعلمت
إن آخر ميعاد للأتوبيسات طلع من ساعات ومش
عارفة أعمل إية .. افتكرتك
فى الحال .. وطبعا معايا عنوانك كنت إمال أعمل إية
...أسيب نفسى للذئاب أو أبات أم باب مسجد فى العراء نظر اليها
سليمان مهدئا وقد تلاحظ بكاؤها
بإنهمار .. وبعد تلك الكلمات إنهمرت بالبكاء وكأنها
لأمطار تهطل فى المساء .. نظر إليها سليمان
وقال: دقيقة واحدة وألبس معطفى وحمل نقود كافية
للوصول الى قرية ميت
بشار .. سارا فى تهامس
وتلامس وشعور بشىء قادم أو خطر من الأخطار ..كان الليل يضمهما
كنعقودان متلازمان لا يفصلهما إلا الخيال .. فى تلازم
لا إنفصال .. وكان
سليمان يشعر بالرهبة والخوف فقد لا يجد لها
توصيلة أو مكان للمبيت وترك لها الخيار... بعد أن بحث
عن كل مكان يمكن أن يجد فية وسيلة
للمواصلات
وهو واثق أن مامعة من ثلاثة جنيهات كافية
على أن يصل بشربات الى مسكنها وبر الأمان .. وكان
على مقربة تاكسى خصوصى .. فقال للسائق:
ممكن توصلنا مخصوص لقرية ميت بشار فقال لة
خصوصى خمسة عشر جنيها .. وساومة
ان يعطف عليهما بشهامتة
فقال لة ثلاثة عشر وهذ إكراما لكما .. فسألها
سليمان كم معكى من النقود
فقالت : أربع جنيهات ...
فقل سليمان للسائق : معانا سبع جنيهات فنهرهما قائلا :
أمشوا العبوا بعيد ياشطار والا أسلمكوا لقسم البوليس
أحنا مش عايزين أخطار ..
إندهش سليمان وذهل ..
فقد أعطى أمة خمس جنيهات
قبل أن تنام هل يوقظها ثم
يعاود مرة ثانية على التاكسى ... ولكن الليل
يسرى ولا احد يدرى وكيف وقد وصلت الساعة
الواحدة بعد منتصف الليل
فقال لها سليمان عندى فكرة جيدة لا بد
أن ندخل بيت أمى للبيات فهو حل ربما
لا يكون مضمونا لو إستيقظت فى الحال لكن هذا
هو الحل الوحيد لأننا
بعد هذا الوقت ممكن يمسكنا عسكرى الدورية ونبات فى
التخشبية فقال شربان ندخل كيف ياسليمان قال بهمس : نتسلل
تعرفى نتسلل يعنى إية قالت ببرود
وهى تعرف معنى التسلل
: يعنى اية التسلل يا
سليمان
قال سليمان
:
.. أن ندخلا ببطىء
ونتسلل الى البيت فى هدوء فقد تكون أمى نائمة فى أول الليل ثم تستيقظ
كالقطط كعادتها ( لتبشنقنى )..
قالت بإستفسار : يعنى إية
تبشنقك قال سليمان : هى
كلمة دارجة تستخمها أمى
كل ليل ومعناها تلف رأسةى بأى غطاء من البرد حتى
لو كنا فى عز الصيف هذا دأبها دائما إما
أنا ففى الصيف طبعا أخلع
الغطاء قتأتى مرة أخرى وتقول إنت خلعت البشنقة وتعيدها مرة
أخرى هذة هى أمى حنونة لأبعد الحدود وطيبة الى
تعليقات
إرسال تعليق