توبة ونوبة
توبة ونوبة
---
مضى عبد الفتاح بالزمن يجرى بعد أن أثقل كاهلة
تلك السنوات المُرة التى تغرى فقد كانت التوبة فاصلة حينما تسرى فقد
مضى عشر سنوات من عمرة لا يدرى كم تنقل بين
سجون مصر يفرى.. كانت عيناة تدمع والشعرات البيضاء تتسكع وتتسلل
فلا تغرى.. ينظر فى المرآة قائلا هاقد إنتهى عمرى
ماذا قدمت لربى ... كم من (المحافظ ) التى إنتشلت من جيوب
فد آلمتنى وسببت عصرى .. ولا سبيل الى الخلاص الا الى التوبة
من هذا العمل المذرى .. إعتاد الصلاة وارداد
جوامع الحضرى .. وبدأت اناملة
تداعب حبات السبحة بذكر إسم اللة .. وكم ت
ثنى .. ويترحم على
ما ضاع من عمرة فى الشر .. الذى يضنى .. كان يلتقط
من الوقت فسحة تغنى .. يجلس على المقهى ينتظر من يعرض
علية العمل .. كعامل فى المعمار ... لكن الناس كانت تشر
الية بأصبع الإتهام .. وتهزى .. والهمس الى إذنة يسرى
باع كل أثاث بيتة حتى السرير الذى ينام علية أطفالة الصغار
محمد وأحمد وفكرى وبسمة وهذا ليس عذرى .. لم يعد فى البيت شىء
يباع كى يغنى فالأطفال جائعة تنهش فى أظافرها ولا تدرى
الأم إستدانت من طوب الأرض حتى أن الجيران أغلقوا
فى وجهها الباب من التدنى .. بسمة صرخت انا جائعة يا امى
قالت الأم وهى تغلى من الكمد وقالت والدموع تحرق خدودها
نامى يا بسمة على حجرى .. ان ابيكى قد يأتى بالعشاء
وخرى .. الأب يمد يدة لطوب الأرض يستجدى الكل ينظر
الية بدهشة ولا يملى .. رجع خاوى الوفاض ولكن لمن يفضى
يبحث فى سلات المهملات وصناديق القمامة عن بقايا
طعام يكفى .. رجع ورائحة الطعام العفن التى للبطون تهرى
.. صرخت الطفلة بسمة تتلوى ولا تدرى الطعام ملوث
ولم يجدى إسعافها ... استطاعت النوم بصعوبة بعد عملية
غسيل لها تجرى .. كان الجو باردا قارصا والمسافة
طويلة .. ليس معة قرشا واحدا يركب بة ليصل الى المستشفى
رجع ببالغ الصعوبة بعد معركة مع النفس طويلة ..كم كان يعود
\ بالطعاك الدسم والشطائر اللذيذة .. وكم كان ينام على سرير
وتير .. والآن
يعيش فى بؤس والم .. رجع مترنحا من التعب وشدة التفكير
قام لصلاة الفجر .. وهو يدعو ربة قائلا : اللهم
فك كربى واغفر ذنبى واعفو عنى وارزقنى أنت ارحم
الراحمين ... ولم يستطع بعد الصلاة ان يضع رأسة على وسادتة
لينام ... انتظر تسلل أول شعاع من الفجر يطل برأسة على
الكون الواسع .. استيقظ أطفالة الأربعة .. والكل جائع
وبسمة إشتدت حرارة جسدها لم يعد ينفع غسيل
المعدة فقد أصاب جسدها التسمم . وهى تتلوى وتصرخ
من الألم الشديد ... النور ملأ الكون والشمس ترسل أشعتها
على الدنيا .. طرقت أم بسمة على بيت جارتها قائلة :
: ثلاث جنيهات أو كسرة خبز لأولادى ... ومازال
يسترق السمع ماذا .. سيحدث لأمرأتة سمع صوت الجارة أم حمدى قائلة:
ياعليم يا فتاح فى هذا الصباخ .. انتى يا ولية مابتختشيش .. انتى لسة ما ردتيش الخمسة جنية اللى عليكى
غورى من وشى مش عايزة اشوفك قدامى تانى ... نزلت الى الطابق
التالى وحتى الدور الثانى الكل يوصد الباب فى وجهها
فقابلت الاستاذ عادل وهو ينزل على السلم متجها
الى عملة ونادت علية قائلة : استاذ عادل .. طفلتى بتموت
ومحتاجة خمس جنيهات ارجو ابوس رجلك .. كان زوجها
يراقبها عن كثب ... وقد تقطع قلبة إربا لهول مايسمع
وما عانت معة زوجتة الوفية الصابرة على كل شىء والتى
فرحت بتوبتة قائلة لة : او ترجع يا ابو محمد للسكة اللى تغضب ربنا اصبر يا اخويا ان بعد العسر يسر ..
تذكر كل هذا وهو يلمحها ويسمعها وهى تطلب من الأستاذ
عادل ان يقرضها خمس جنيهات .. يا لهول ماسمع قال لها الأستاذ
عادل : اختشى يا ولية على الصبح ... انتى ماعندك جوزك
زى الشحط ... تساقطت الدموع من عينة وبدأ يهزى
ثم رفع يدية للة قائلا : اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا
ياارحم الراحمين .. ونزلت دموعة ساخنة يهمس فى نفسة لو أملك جنيها واحدا
لحملت إبنتى مرة أخرى للمستشفى .. الشوارع
مزدحمة والاتوبسات تملأ الأفق والمسافة طويلة لا تقل عن اربع كيلومترات
وابنتى لا تتحمل حملها بطول الطريق .. البنت تصرخ وتئن
من الألم ومحمد واحمد وفكرى جائعين ويتلوون من الجوع فبطونهم خاوية
لا شىء فى البيت يمكن ان يسد رمقهم .. الاب
يسرع الى المقهى متخفيا .. فهو لم يدفع مشاريب
شهرا كاملا كتب دينة على النوتة ويجب ان يدفعة
فهو ليس موظفا .. ولكنة ها كذا إستدر عطفة ان يقيد
الحساب على النوتة .. تدلى قدمية من الكرسى ومازال متخفيا
ينتظر من يطلبة كنفر من الأنفار يعمل فى المعمار
فهو لا صنعة لة مضت الساعة الثامنة والتاسعة والعاشرة
لا احد طلبة .. وقد لمحة صاحب المقهى فصرخ فى وجة
الحساب يا نصاب إدفع ماعليك ولا سلمتك
للبوليس .. نظر الية بعينين دامعتين قائلا : الفرج قريب
.. لململم نفسة سريعا فلا فائدة من الإنظار وقلبة
يقطر دما على إبنتة وأطفالة الجياع .. اسرع الى المنزل
الأطفال يغترشون الأرض من شدة الجوع وطفلتة بسمة
تتلوى فى حجر أمها التى تتساقط دموعها على وجة طفلتها بسمة
تقترب دموع الأم من فم إبنتها بسمة .. الطفلة بسمة تلع
الدموع من شدة الجوع .. الأب من هول الذهول .. يجرى
فى هزيان .. الزوجة تنادى علية قائلة : طفلتك بتموت
يا عبد الفتاح ... الأب .. يسرع للحاق بأى أتوبس ينشل منة فهذة هى مهنتة
التى يجيدها وكان يعيش عليها فى بحبوحة من العيش .
كان زى خبرة كبيرة ويدة مدربة تدربيا كبيرا ... إما
الآن بدت يداة مرتعشة من الخوف من اللة لكنة لبم يقو
ان يرى فلذة كبدة تضيع منة ... واليد المرتعشة لا تنفع فى النشل ..
سرعان ما وجد يد الشخص تمسك بيدة وهى تلتقط المحفظة
أمسكوة وقادوة الى المخفر الى نقطة البوليس وهو يصرخ :
ابنتى ابنتى تموت إتركونى اراها للمرة الأخيرة
لكن صوتة راح هباءا ... وضاع كما ضاعت يد الدولة
قى رعاية التائبين
= قصة قصيرة بقلم ابراهيم خليل
رئيس تحرير جريدة شموع الأدبية الورقية
القصة واقعية
******************
تعليقات
إرسال تعليق