- 127- الكثبان الرملية

           --   127  --

انصرف الجميع  بعد  هذا الحوار الطويل جدا ...

ولكن سيد ابو العنين  تراجع بخطواتة الى الوراء

ثم هتف قائلا :  خذ  بيدى  يامحمود  لأننى أشعر

بالدوار الآن  ولم أقو  على النزول .. اريد  منك

كوبا من الماء  أبلل بة  ريقى ...  نظر الية محمود

وقال :  استرح عندى  حتى تسترد  صحتك  وسأنزل

معك  الى الشارع  وأوصلك بنفسى الى بيتك  ......

ومد محمود يدة الية  برفق  وصحبة الى الداخل ....

ابو العنين :  انا شاكر لك  جدا رقتك  ولطفك ...

محمود   :  انت  فى عينيك علامات استفهام كثيرة ؟

ابو العنين :  صحيح يامحمود  انا كنت عايز أنشر

شكوتى  فى المجلة  .. لكنى لاحظت  انك مريض

مثلى  والحمل عليك ثقيل وقصتى مع الأيام  طويلة

محمود : اعرفها جيد ا  .. مواقفك البطولية واشعارك

الحماسية التى الهبت المشاعر ...  وبثت الهمم فى

نفوس الأبطال المقاومين  فتغنى  بها على  السمسمية

فى مدن القناة .. منذ ثورة 1952  ومعركة  56 


والعدوان الثلاثى على مصر ..  حتى فى نكسة 67


وفى انتصار  1973  كل ذلك  وجهادك واضحا للجميع


انت أعطيت للوطن الكثير  ..  وتتقاضى معاش  ضئيل


لا يف بالحمل الثقيل  وكثرة البنات والبنين ..  يا ابو


العنين  نحن كتبنا الكثير ونشرنا الكثير والكثير  وقدمنا


للسيد المحافظ  عدة تقارير  .. ولا حياة  لمن تنادى من


يهتم  ويسمع  .. لا أحد  .. ينظر الى  الفقير ..


ابو العنين :  42 عام فى الخدمة  ومعاشى    240  جنية


التأمين الصحى لا يعطينى  علاج يكفى  كما ليس 

لة أى تأثير  ..  فأقوم  بشراء الأدوية بأكثر من نصف


ما اتقاضاة  والا فلا أستطع انهض أو أسير  .. معاشى


لا يكفينى اسبوع واحد .. لا أقدر على شراء ملابس ..


ولا أستطع شراء  طعام  أطعم أولادى  ...  وهذا  هو


مصير مجاهد ومناضل  يعيش فى بدروم  مظلم تحت


السلم تجرى فية الحشرات والفئران والعناكب ... حتى


ملابسى لم تسلم من الجرذان ...  فأمرأتى أختارت ..


طريقا آخر  وهجرت  جحر  الزوجية  فرارا  وهربا


من الحياة المرة القاسية  .. 


محمود :  أمسح  دموعك يارجل  


ابو العنين : الدموع دائما لا تفارق عينى حسرة والما


محمود  : اسمعك  هذة الكلمات التى وردت على 


خاطرى على التو .. واللحظة :


أمسك دموعك يارجل  ..  خل  الدموع  تبقى عزيزة


لا العذاب ولا الألم   .. فى الزمن دة أصبح  لة ميزة

ان كنت صابر مستكن

                لأن  البقاء وحب الحياة أضحى غريزة

لاتزد فيك     الحزن

               ان هجرت   حياتك   زوجة   ..  عزيزة

بث فى نفسك  أمل

               حتى لو زاد معاشك فى الشهر   .. بريزة
   ---------------------------------------

سيد أبو العنين :

  لو كنت قادر ع السفر  ..   ولو حتى عندى أى فيزة

 ماعشت مذلول فى الوطن  ..   وما كنش  لي   جيزة

لا آقادر اقنيها   فى  سكن  أو حتى فى حدايق الجيزة

هو دة فعل .....   الزمن   ولا الزمن مالهش     ميزة
                  ----------------------------

محمود : فعلا  الزمن دة  مافهش ميزة

  (  كانت لواحظ  أمرأة  فى العقد الرابع من عمرها )

تفاوم تأثير الزمن  الذى يرسم  خطوطة  على الوجوة

وكانت تحتفظ بمسحة  من الجمال ..  رغم انها ترملت

فى ربيع عمرها ولم تنجب الا  بدور  تلك الفتاة  التى

تريد ان تلعب دورا فى حياة  محمود لكنة كان مشغولا

عن هذة الجبهة  وعندما  أبصرت لواحظ  هذا  الرجل

الكبير  يدخل غرفة محمود  .. فقد ظنت أنة والدة ...

 (  سمع محمود طرقا على الباب  ..  وتقدمت لواحظ

بعد أن سمح لها بالدخول لأول مرة حجرتة  .. ونادت

بأعلى صوت : ياساتر يارب .. ثم أردفت قائلة سعيد

وعرفاة  وبيومى والكل عارفة يبقى دة أكيد  والدك ..

مش كدة والا انا بخمن غلط  ..

محمود : هو زى والدى بالظبط .. لكن لية السؤال دة

لواحظ : اردت أن أرحب بة  .. اعمل حاجة يعنى

محمود : متشكرين ياست لواحظ

لواحظ : أصل بنتى بدور .. بتقول أكيد ياماما دة والدة

محمود :  خلية والدى ياست ماتفرقش .

ابو العنين : انا شاعر  ياست لواحظ .

لواحظ   : شاعر بأية  .. أعملك أية ..عندك مغص

أعملك جنزبيل والاقرفة .

محمود : يقصد بيكتب اغانى

لواحظ : ما تسمعنى  حاجة

ابو العنين : الوقت مش مناسب فى الندوة

انشاء اللة  ..

محمود :  ماتقول  حاجة

ابو العنين : 

   عامل لي افلا طون     والا سقراط الحكيم

    ولابس لى بنطالون    متخفى  يا   ..  لئيم

    ولا خريج   السجون   فى جدارنة    مقيم

  واخدك    الفضول       أمشى  فى .. السليم

   وبلاش   المجون        خليك  ...   مستقيم

  كل دة..   يهون         الا   تكون  ..   نديم

  تقد م    الخمور        وتعشق   ...  الحريم

  (  محمود مقاطعا )  ثم أردف قائلا   خمور

اية وجنون  أية  أنت النهاردة ياسيد  مش سليم

فين  كلامك  عن شجرة الحرية  .. والحياة الأنسانية

وتغريد اوتارك  على انغام السمسمية  .. فين الكلام

الجميل  .. والحلم الرائع المثير  .. فين كل دة  فين

ياسيد أبو العنين .

ابو العنين : ونهايتة اية .. لا قدم ولا أخر ..  بس

أخر أكتر ..  وصلنا للبدروم ..  هل ست ممكن تعيش

معايا فى البدروم ..

لواحظ  :  هو أنت معندكش ست .. مش متجوز ..

ابوالعنين : هربت  .. الفرار .. نجاها  من عيش

الفقر والذل والحرمان .. يا بختها أنا بحسدها بجد.

لواحظ : تبقى مش أصيلة  .. لازم ع الحلوة والمرة

ماسمعتش أغنية:

ع الحلوة والمرة مش كنا متعاهدين

         لية تنسى بالمرة عشرة بقالها   .. سنين

     (  ع الحلوة والمرة )

كان صوتها رائعا عذبا  وشجيا  ..  جعل الدموع تسيل

على وجنتية  .. فشاهدة محمود : قلنا بلاش الدموع

ابو العنين :

ع الحلوة والمرة   ... مشينا  فى طريقين 


لحنا  كام  غنوة   ..  بتسعد  ...  القلبين


لقينا  من القسوة ..   ما فرق   .. الاتنين


        وفضلنا كدة  ماشيين 

ع  الحلوة  والمرة   وهى   عدت ا لسنين


قالت انا ماشية    انا حرة  واتفرق القلبين

وهى قدرة   رب العالمين يجمعنا ولو مرة
        أحنا الأتنين 
       -----------------
لواحظ :  لسة بتحبها ياعم سيد

ابو العنين : امال أية مش أم أولادى

لواحظ   : انسى وانا حاأجوزك سيد .. سيدها

ابو العنين : الزمن خداع   والعمر ضاع
   
              ماعدش ينفع    بعد  الضياع

                   -------------------

محمود  :  هو بيجتر ذكرياتها  وعايش على كدة

ابو العنين : عايش وحيد  بين اربع جدران رطبة

مظلمة مابتدخلهاش فيها شمس ولا نور ولا هواء ...

بين دموعى والمى ومذكراتى ..و ان مرضت ..

مابلقاش حد يداوينى .. وان سخنت وارتفعت

درجة حرارتى مابلاقاش اللى يجيب منديل

مبلل ويمسح جبينى وان شرقت مابلقاش حد

يسقينى ويروينى .. وماحدش بيزورنى أو يجينى

لأنة بيشم روائح طالعة  من شمالى ومن يمينى

من المكان كلة  اللى خلت الروائح الكريهة أثرت

على عينى .. انت لو شفتينى فى شبابى الكل كان

بيحاول يسترضينى ..

محمود :  صحيح .. صورتة تؤكد صدق كلامة

كان رجل ولا كل الرجالة .

(  سيد ابو العنين محتدا  )  ثم قال : انا لسة رجل

محمود : هو انا قلت غير كدة .

   انصرفت لواحظ  ..  نظر محمود الى ابو العنين

قائلا :  اية رأيك فى لواحظ .. انا شايف انها ميالة لك.

ابو العنين :  دى تهرب من أول دقيقة  أو ثانية  لكن

أم الأولاد  أتحملت كتير  تلاتين سنة لغاية ماطلعت

على المعاش .. أعطونى الفين جنية ومعاش ثمانين

جنية ونص .. حاولت أشوف سكن مالقتش أقل من

مقدم عشرين الف جنية  وفى المساكن طالبين خمسة

الف  .. كملت جهاز البنت .. وجوزتها لأبن الحلال

بعدها بأسبوع  ..  فرت أمها بجلدها قالت دة آخر

ما عندك أستحملت كتير  .. كفايا كدة .. انا مابدقش

اللحمة  الا فى المواسم  .. لما أهلى يبعتوا نص

فرخة  .. ولا حتة لحمة ..

محمود : يا عذابك الأليم .. رحلة حياة بؤس وألم

وفقر  مستديم .. لها حق تهرب من الجحيم  ...

وكفايا استحملتك سنين ..  احنا بشر ولنا  طاقة

قصة حياتك  صحيح مؤلمة واوعدك نشرها قريبا

ابو العنين :   صدقتنى  .. اننى ممكن أموت وما

حدش يحس بى لو تعفنت جثتى لأن أصل المكان

رائحتة رائحة القبور .. لا يمكن أن يكتشف موتى .

محمود : عندك حق .. ناس عايشة فى القبور وناس

عايشة فى أفخم قصور ..  ترمح فيها السيارات ..

والخيول .. ومن الخدم والحشم  اعداد واشكال من

كل نوع .. الخادمة المصرية والهندية والباكستانية

خلاف الموائد من أفخم الطعام وأعتق الخمور ...

شتان  مابين الفقير  ...  والثرى  وفى الثراء الفجور

لماذا لايسوى بين الناس  وتتقارب الأجور .. لماذا

يحصل الفقير على بضعة جنيهات أو قشور ..  وفئة

تتقاضى الآف الألاف  وتنهب  النذور .. تملك الكم

من المليارات  وتتسابق فى الدور  .. لتصل  الى

البليارات بل تطمع فى الدشليون ..  انها  غابة من

عصابات الماقيا المصابة بالجنون .. انهم  يمتصون

دماء الغلابة وإن ثار الغلابة يلقون فى السجون  هل

آن الأوان لثورة  تخلصنا  من هؤلاء الحكام 

الخونة  أو يدركهم المنون ..  لقد  مات زملاؤنا

فى السجون  لمجرد كلمة أكون أو لا  أكون ..

تلك معادلة لا يدركها الظنون .. انة حلم الجميع

بعالم مشرق تسطع الشمس فية كل يوم .. انة

ألأمل الوحيد للبقاء فى الحياة  قبل أن يدركنا الجنون.

ابو العنين :  نهايتنا السجون  

 (  دخلت  بدور  أبنة لواحظ  .. بيضاء تضىء 

كالنور  .. ولها من الجمال كالبدور )

ثم أردفت قائلة : مش عايزين حاجة اعملها لكم

محمود : هو احنا نقصينك أنت  التانية 

  شعرت بدور بالحرج الشديد .. فأستدارت 

وانصرفت على الفور  .. وهى تتمتم بكلمات

لايفهمها غيرها  .

ابو العنين :  على فكرة زى القمر   زى البدر

فى ليلة التمام ...مالكش حق  تكسفها  .. انت

مالكش مشاعر البمت بتحبك وأمها بتتمنى ترضيك

محمود :  مشكلتى  تتباين مع مشكلتك مع أختلاف 

الأوضاع أنت تزوجت وانت تعلم أنك فقير  دقة

وانا لا أريد أن أبدأ  من نقس النقطة التى بدأت 

منها كى لا أصل الى ماوصلت أنت الية .. مشكلتنا

التفاوت بين الطبقات وعدم وجود عدالة اجتماعية

الفقير فقير معدم أو كما يقولون فقير  دقة  و الغنى

ثراؤة فاحش  يفوق كل حد .. بمعنى لو .. رص

نقودة  .. طابورا  ..  لمر  ت  بالكرة الأرضية

عدة مرات  .. اما الفقير  فليس فى جيبة  جنيها

واحدا يشترى بها خبزا  أرأيت التفاوت الكبير

والهائل  .. الم تستحق البلد ثورة عارمة تخلصنا

من هذا الذل والبؤس والفقر  والحرمان  .. أريد

الزواج وحالى أفضل منك .. لكن هل يكفى لفتح

بيت وانجاب أطفال إنها معادلة صعبة .. لا يحققها

الا حاكم منصف .. أين عدل عمر بن الخطاب ..

حينما كان يحكم أمم اسلامية مترامية  الأطراف

حينما كان ينام تحت ظل شجرة يضع خفة تحت

رأسة فأبصرة يهوديا شاهرا سيفة وقبل أن يطعنة

بسيفة نظر الية محملقا يلقى بطعنتة النافذة لكن .

سرعان ما سرت فى جسدة رعشة لهيبة هذا الرجل

المستغرق فى النوم والمستظل بظل شجرة وليس

قصرا فخما ترمح فية الخيل .. وتعجب ثم هداة

تفكيرة فقال : فعلا حكمت فعدلت فآمنت ثم نمت

ياعمر  ..  وأسلم اليهودى فى الحال ..  ..    ...

تلك هى قصة الحاكم العادل .. انظر الآن ماذا 

يفعل الحاكم الظالم عندما يمر بمكان .. يؤمن

لة الطريق قبلها بساعات ويوقف الأتصالات

والمواصلات وينشر من جنودةالآف الألاف

للحراسات مدججين بالبنادق والمدافع والرشاشات

وتتعطل الطرق ساعات وساعات وبين الجمهور

ضعفهم من المخبرين والأستخبارات .. أرأيت

الفارق الشاسع بين الحق والباطل .. ليس لنا من

خيارات .. فلو كنت أملك مادة لتزوجت منذ سبع 

سنوات .. كانت امامى ابتسام  وأصلاح وشربات

كان أمامى أجمل الفتيات .. حتى عبير وسامية

بالذات .. وعندما شعرت بأنفاس دلال .. كلهن

ساحرات ساحرات لهن من الجاذبية مالا يمكن

ان يقاومة انسان .. انها الأقدار ..أو قل  الازمات

وهى محصورة بين الفقر .. والتفاوت بين الطبقات

ابو العنين : عندك حق 

محمود   : لا تزيد من الجرح فهذة مشكلة كل 

الشباب الفقر والبطالة .. من يسنطع ان يفتح بيت

فى هذا العصر بالذات .. حتى لو وجد عمل فالأجر

ضعيق لايسد  .. مسكن أو مأكل أو ملبس أو ما 

يأتى  لتربية أطفال .. كلنا فى الهم سواء .. وليت

الحكومات تعرف ذلك فتعمل على وجود حد أدنى

للأجور حتى يعيش الأنسان مستور  لا تهرب زوجتة

وحد أقصى للأجور حتى لاتصا ب هذة الفئة من التخمة

بل لا بد من اعادة توزيع الثروة والأ  سأبشرك  بثورة.

  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة