تابع مذكرات سليمان اليتيم -2



خلف ظهرى بعناية فأحست بجسم غريب فأوقدت النور .. وصرخت قائلة : بيت الست الشريفة الطاهرة يدنس يا خراب إسود النهاردة إصحى ياسعاد وشوفى النصيبة .. وأخذت أسلك شعر زوجتى شربات من أنامل أمى ولا أستطع البوح بأنها زوجتى فيحدث مالا يحمد عقباة وقامت أختى سعاد بشد شعرها بقوة فائقة وطرحها أرضا . وانهالت عليها ضربا وركلا وقمت بتسليكها بالقوة وأخرجتها عنوة من البيت حتى لا تتعرض للموت .. ولحقت بها بسرعة فائقة لأخفف من هول الصدمة ومن تقاعسى فى الدفاع عنها أنها زوجتى .. فكانت حزينة لأبعد الحدود وذهبت لأروح عنها فى بيت العائلة كما يسمونة فى ميت بشار .. ويومها قمت بالمبيت معها على سرير واحد ولم أمانع رغباتها المكبوتة وصدقت إننى إحتزت الأزمة ولن أهرب ثانية وإطمئنت الي .. بعد ليلة كلها أشواق وقبلات وحياة مشتركة .. وصبيحة اليوم الثالث تذكرت أن الدفعة الأولى من التقدم لمعهد كيما بأسوان قد حل دورها وكنت قد أجرى على الكشف الطبى .. وذهبت الى مقر ومركز المعهد بالقاهرة .. ومنحونى تذكرة السفر وسافرت دون حتى إخطار لأحد بمكانى الجديد .. ومضيت لمدة أربع شهور متتالية أرقب الحياة بحلوها ومُرها .. وكيف لو عثروا علي ..ماذا سيحدث لي ربما يقطعونى إربا .. إتجهت الى القاهرة ومعى جنيها واحدا خشيت من الكمسارى الأ يعطينى باقى الجنية بعد كتابتة الباقى على ظهر التذكرة ..فكانت يعنى تقفز وراءة يماينا وشمالا ..أرقبة بكل خوف وجزع ألا يأتى فأعيش الضياع .. فهو كل مدخراتى فى ذلك الوقت العنيد .. وعاد لي قلبى من قفزاتة العالية وأستقر بين ضلوعى حينما تم إسترداد باقى المبلغ .. ونزلت أجوب شوارع القاهرة وانا جائعا فتقدمت من مطعم متواضع واشتريت ثلاث سندوشات فول وطعمية .. ودلفت الى حديقة صغيرة أمام مجمع ميدان التحرير وأخذت التهم السندوتش الأول حتى آخرة وبدأت فى الثانى فتقدمت منى فاة صغيرة جملة للغاية كأنها ملاك هبط من السماء على مائدة طعامى كنت تقترب من الثالثة عشر ربيعا وقالت بإبتسامة رائعة ممكن تعطينى سندوتش لم آكل من إمبارح ..فأوقفت تناول السندوتش الثانى عند سماع كلماتها الموجعة وقلت لها تصدقى انا كنت سألقى بهذا الطعام فى سلة المهملات .. وقدمت لة السندوشتين .. فقالت لا واللة كيف واحد عشان نأكل معا ويبقى عيش وملح .. نظرت الى غيونها البنية اللامعة والتى تشع سحرا وجمالها الطاغى المبكر وقلت لها لماذا لم تتناولى طعامك من إمبارح .. ياريت نكون أصدقاء دة عيش وملح حكت لي حكايتها أنها من الأسكندرية توفى والدها منذ أرع سنوات وتزوجت أمها ورفض زوجها أن أعيش معهم وكان خالى قاسيا حانقا على أمى .. لزواجها السريع عقب وفاة أبى .. وعندما عرضت علية جارتنا الشيطانة أن تجعلنى خدمة فى البيوت قائلة لة : إنت ناقص ماتشغلها فى البيوت دى الشغالة بتجيب فلوس ياما عجبت خالى الفكرة تماما .. وانتقلت للعمل مع أسرة ثرية تعمل فى صناعة الزيوت .. وكان علي وجدى أن أغسل وأمسح وأكنس وأنظف الشقة أحمل كاتين الزيوت بما فيها من زجاجات زيت ثقيلة الى أكثر من أربعين مترا .. لم أصترح دقيقة واحدة طوال ثلاث سنوات حتى فى الليل كان إيقاظى بشدة كى أقوم أفرغ معهم عربة الزيت القادمة من أماكن بعيدة .. وكانت القسوة والضرب المفرط والعذاب لو توقفت ثانية واحدة عن الشغل .. وكمية الغسيل والجهد والتعبجتى فى لحظات الهجوع لأعرفها .. وقد تحملت ذلك وكنت صابرة .. حتى سمعت فتحى وهو عامل فى مصنعهم يقول لعادل إبن صاحب البيت عندك موزة وساكت لازم تفورها .. فقال لة البت لسة صغيرة قوى وماتعرفش الكلام الفارغ دة قال لى يا غشيم سبنى أنا وانا إأجهزها لك وأعلمها لك كل شىء .. هذ اللحظة فقط هى الفاصل والتى جعلتنى أهرب ليلا .. حتى جئت الى هنا ولايمكن أن أرجع لخالى لأنة ينتفع من خدمتى وسيعيدنى اليهم مرة أخرى واخشى أن يغتصبنى فتحى وعادل .. فقررت الهروب ولأول مرة أفتح قلبى اليك لأنك باين عليك إبن ناس وممكن أجد عندك حلا .. حكيت لها حكايتى بصراحة وطلبت منها أن نساعد بعض على إيجاد حلا مشتركا ينقذنا من قسوة الأيام .. أخذنا نتجول ونبحث عن مكان يأوينا فقد أمسى علينا الليل والكل يساورة الشك أننا لسنا أخ وأختة .. بل قد يكون ذئبا يريد أن يفترس ضحيتة .. وكم خشيت من عيون الناس … ولم أجد مكانا للمبيت حتى الصباح ثم نقوم بالتجوال فى النهار كما لا أستطيع العودة إلى أمى فأزيد الطين بلة .. ووصلت قناعتنا .. أننا قريبا سنجد حلا مقنعا .. وستكون رغدة وهذا إسمها زوجة المستقبل لي وإن اللة أرسل لي من السماء أروع وأجمل هدية عطاء .. فأبتهج قلبى وتنفست الصعداء .. وحمدت اللة أن وهبنى شبيهة مريم الفتاة الى أخلصت فى حبها لي .. وكانت تملك رغم صغر سنها قلبا نابضا مفحم بالأمل والحياة .. لكنها أدركت أن لا فائدة منى بعد أن نهرها أهلها ورأت بعينها أننى (بتاع بنات ).. وإن نضوجها قبل الآوان جعلها تسرع بالهرب خوفا من غدر الزمان رغم إنى بداخلى نقاء وصفاء وطيبة لا يغلمها إلا اللة تلك الظروف والأقدار .. فالقدر سلب منى مريم التاة الرائعة الجميلة الذكية المثقفة ليعطينى ملاكا أكثر شفافية ورجاحة عقل وإتزان ومابين التقاء السحر فى عينيهما شعاعا غامضا مشتركا أكثر جاذبية من أنضر وأنضج النساء .. وسرعان ما طرحت فكرة الذهاب الى المبيت عند أختى (روحية ).. فى شبرا الخيمة .. ولكن خوفى الشديد من زوجها محمد قد جعلنى أغير الخطة حتى لا أفسد حياة أختى وأسبب لها الطلاق إذا ما عرف أن أخيها قد أحضر فتاة من الشارع ليدنس بيتة الطاهر الشريف كما يعتقد كما أن أختى روحية أشد تزمتا من أمى وأكثر إختجاجا منها فى هذة المسائل وكم كانت مطيعة لزوجها تماما .. كما أن لزوجها سطوة وقوة وجبروت أكثر من (سى السيد ) .. بل لو تمت المقارنة بينة وبين سى السيد فى ثلاثية نجيب محفوظ لكان سى السيد أشد رحمة وطيبة .. وافقنا أننا سندخل من الباب ونطلع السلم حتى الدور الأخير فهو بدون سكان وليس لة باب ولا سقف وسوف نمضى الليل بة حتى بذوغ الصبح ثم ننصرف لنفكر كى نجد حلا عاجلا لمشكلتنا معا بعد أن وثقت فى صراحتى فأنا لم أخفى عليها شيئا وهى لم تخفى عنى شيئا .. وقلوبنا تعانقت على الحب والأخلاص .. مشينا أكثر من ساعتين على الأقدام حتى وصلنا الى باب البيت كانت شوارع شبرا الخيمة مظلمة حالكة والكلاب تعوى ولا تنبح كأنها ذئاب (ورغدة) .. تسير معى وكلما سمعت نباح الكلاب خلفنا تلتحف بجسدى وتلتصق وتشد على يدى وتمتد أناملها الرقيقة لتلتصق إلتصاقا بأصابعى وتصطك أسنانها من شدة الخوف كلما إقتربت الكلاب ونبحت خلفنا واقتربت من أنفاسها كى أطبع قبلة على جبينها الدافىء بالحرارة والمشاعر الفياضة .. وكلما أقتربت من عذوبة شفتيها لأطبع قبلة حانية وامتص هذا الرحيق ولو لثانية واحدة فكنت تشعر بدفء أنفاسى فى ظلام الليل البهيم وعما أقصدة فتقول برقة ( ما أتفقناش على كدة ) .. وربنا شايفنا .. خلينا فى الحلال أحسن قلت لها : انت صغيرة ولا يوجد مأذون يمكنة أن يعقد قراننا قبل ثلاث سنوات .. فقالت لأ .. أنا جسمى فاير .. وسنة واحدة حكون آنسة تعجبك تماما ويمكن ان أسنن نفسى أو نعطى المأذون قرشين زيادة ونكتب كتابنا .. وياسيدى يبقى على كيفك مش حقولك لأ .. وفى هذة اللحظة إقترب كلبا شرسا منا ونبح بشدة خلفنا .. فا لتصقت رغدة بصدرى .. واقتربت أنفاسها من أنفاسى وطبعت قبلة على شعرها الناعم الفاحم الذى يعانق القمر ويرسم صورة الملاك الذى هبط من السماء الى الأرض فى صورة زى بشر يرقب أعمال البشر بين البشر فتجلت هذة الصورة فى حذر .. وإحتضنتها برقة ولم أختصر الوقت حتى وجدتها تبتعد عنى قائلة : أنا بدأت أخاف منك .. فقلت لها أين الثقة والعهد بيننا .. والايام ستكشف لكى أننى إبن أصل وسوف أصونك واحافظ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة