مذكران سليمان اليتيم (! )
مذكرات سليمان اليتيم =======
بقلم الكاتب والشاعرالمصرى : ابراهيم خليل ———- كان الفقر والعوز والحاجة الشديدة ضاربا جذورة فى أعماق هذة الأسرة البائسة الفقيرة التى لا
تجد القوت الضرورى لكى تقيم أوت الحياة لأولادها ..وكان سليمان
طفل ذكى شديد الحياء لهذة الأسرة البائسة وكان ينظر
حولة فى ذهول .. فيجد العيون الدامعة الحزينة والقلوب المثقلة بالألم والصدر الممتلىء
بالحرمان .. وكثيرا
ما كان يمسك قلمة ليكتب كل ما يحدث ويدور حولة .. كمذكرات وحكايات مشوقة جدا … وخاصة بعد أن اُصيب والدة بوعكة
صحية لازمتة أكثر من شهر ثم رحل عن هذة الدنيا التى لم يجنى منها إلا الألم والبؤس والفقر والحرمان ومات ألأب وفى عينة دموع الألم
والحسرة ليترك عائلتة الفقيرة فى مواجة زمن قاسى لا يرحم الا من رحمة اللة .. على عبادة
…. أمسك الطفل سليمان
بقلمة وجمع قصاصات ورق يكتب عليها مذكراتة بكل ما يعى وعية
وإدراكة وقدراتة عى تفهم ما حولة وتلك هى بداية المذكرات ( 1 ) رأيت أمى الرؤم تختلى بنفسها وتندب حظها العاثر التعس لفقد شريك
حياتها ذلك أبى الرجل الذى مات فى ريعان شبابة وترك أمى الرائعة
الجميلة ذات العينين الزرقاوتين والوجة القمرى المضىء وكان ينساب حول
وجهها الشعر الأسود الليلى الفاحم وكأن الليل يعانق القمر الجميل
قى ليلة ظلماء حالكة وتلك هى صورة أمى التى لم تفارقنى لحظة واحدة
وتسللت الي حجرة أمى فوجدتها تمسح دموعها بأناملها الرقيقة
المشعة ضوءا لتنسكب هذة الدموع متساقطة كأنها قطرات
اللؤلؤ فى مسبحة تدور حول أناملها الجميلة
.. ونظرت الي وقالت مابك :
يا سليمان تدخل فجأة وبدون إستئذان ( مش انا فهمتك انك لما تدخل على حد تتنحنح ) .. وتلك أول كلمة ترن فى إذنى الا أقتحم مكانا الا بعد أن أستئذن اولا قبل الدخول .. وأمسكت يدها وظللت أقبلها وقلت لها يا أمى لا تحملى الهم أنا أعرف لماذ ا تتساقط هذة الدموع .. إنشاء اللة سأكبر وأصرف عليكى
.. وظلت أمى تتحمل عناء
الصرف علينا أنا واخوتى البنات فهى تتلقى الثلاث
جنيهات من أخى الأكبر كل أول شهر لتصرف بة على أسرة كبيرة العدد مما كان هذا المبلغ الضئيل لا يكفى
حتى شراء الخبز الحاف فى ذلك الزمن القاسى .. العنيد ……………. وكانت لي عمة تسمى حميدة كانت شديدة الثراء لأنها كانت تملك جمالا باهرا يماثل جمال أمى فتزوجت من رجل ثرى صاحب
مصنع كبير يدر علية دخلا كبيرا بعد قصة غرام لا تأتى نظائرها الا فى الأفلام الرومانسية الجميلة .. كانت أمى تزورها
أحيانا وللضرورة القصوى حيث ان الفوارق بين الطبقات تجعل اللقاءات مُرة ومؤلمة تعودت أمى الصمت أمام أحزانها فهى لا تجرؤ تماما على أن
تفصح عما بداخلها من ألم حزين وما فى نفسها من حاجة حتى لو ظلت صائمة عن الطعام عدة أيام فهى تملك عفة النفس والحياء التام .. فهى لا تمد .. يديها الى أحد مهما كانت فى أشد الحاجة الى خمسة قروش تشترى بها الطعام
أو الخبز الضرورى وكنت أنا الطفل المدلل والتى دوما تصحبنى معها الى أى مكان
وكنت أتوق الى الذهاب الى عمتى حميدة لأنها تملك راديو يبث الأغانى الجميلة واسمع كلمة هنا القاهرة فأشعر بعظمة مصر وإنها فعلا أجمل شىء عندى وخاصة اغنية بلادى بلادى لكى حبى وودادى .. واغنية تسلمى يامصر إننى الحمى ذى يدى إن مدت الدنيا يدا
.. ورغم أن عمتى
بخيلة وكم أعرف أن أمى تذهب لكى تقترض منها قروشا زهيدة كما
اعلم إنها لن تجرؤ على طلب قرض مبلغ ضئيل مثل هذا ولم تذهب أمى الى وهى مضطرة جدا
.. بعد أن شعرت أن
أولادها فى حاجة الى الإفطار والساعة تجاوزت الحادية عشر صباحا ولم تجد كسرة خبز
وظلت ساعات ولسانها لا ينطق بكلمة لعمتى .. وعمتى تعى ذلك لكنها تتجاهلها مع أنها تملك
الآف الجنيهات فى ذلك الزمن .. وتمضى الساعات حتى
آذان الظهر وهى لا تنطق .. وشاهدت دموعا تتساقط من عينيها الزرقاوتين
الرائعتين الجميلتين .. فيعتصر قلبى الألم ومازلت متماسكا رغم الجوع الشديد وكان فى الدور الأسفل (الست تريزة ) .. وكانت تحب أمى كثيرا وتنظر اليها وتقول لها : يا ام محمد أنا أحب الجمال فيكى .. إتفضلى وقامت بعمل كوب شاى لي ولها وقدمت بعض الشطائر المحببة لي ولكنى نظرت الى أمى هل آخذها
..فنظرت أمى إلى وقالت : أيوة يا سليمان خد واحدة بس .. خليك قنوع .. وتعلمت القناعة من أمى وقدمت الست
تريزة .. عشر
قروش لأمى دون أن تتحدث أمى وكانت أمى عند اول كل شهر تسدد لها القروش رغم أن الست تريزة تحاول كثيرا ألا تأخذها وتلح أمى بإصرار عنيد قائلة : حتى لا أموت فجأة ويحاسبنى
اللة على دين لم أفى بة .. ومع الإصرار الشديد تأخذ الست تريزة النقود وهى تستغرب على
عفاف وعفة وشموخ هذة الأمرأة الطيبة العنيدة رغم قسوة الظروف
.. ( 2) كان يوم السبت بداية العام
الدراسى الجديد .. ونحن اليوم الخميس ولم يتبقى الا يوم الجمعة وليس
عندى حذاء أذهب بة الي المدرسة …. وأنا أدرك ظروف أمى الصعبة وكيف أحملها فوق طاقتها وكيف لي أن اقول
لها أننى فى حاجة الى خذاء أذهب بة الى المدرسة كبقية التلاميذ أقرانى .. وصمت طويلا والوقت يمر سريعا وأخيرا … لمحت لأمى بذلك وهى تعلم إنى أحب التعليم ولن
أنتظر آخر الشهر حتى يعطيها أخى الأكبر النقود وفطنت أمى بما يدور فى خلدى..
وأخذتنى أمى معها الى عمتى حميدة
وظللنا للساعات لا أمى تنطق ولا عمتى ستستجيب فهى متبلدة الأحاسيس .. وبخيلة الى النخاع وكالعادة لمحتها الست تريزة الطيبة وأستقبلت أمى بترحاب شديد وقالت
لها : أنت
أصلك طيبة قوى يا ست أم محمد وبتتكسفى والست اللى فوق دى جلدة أنا عارفاها لا بتعطف على قريب أو غريب الأحسن إصرفى النظر عنها ولو حتى أنتى يا أم محمد لو طلبتى منها فلوس
بعضمة لسانك مش حتسأل عنك وتقولك ماافيش فكة .. كما فعلتها كتير مع ( باتعة ) بتاعة اللبن
.. تقوم تطلع المائة
جنية صحيحة وتقولها تعالى الأسبوع الجاى أعطيكى حق اللبن ورغم
إنى بشوف معاها جنيهت فكة وبرايز .. .. .. ولم تنطق أمى بكلمة فى حقها إلا أنة فى خلال خمس
دقائق بعد فنجان الشاى مع (الصميت ) .. كانت قد أقرضتها عشرون قرشا .. وأخذتنى أمى الى القناطر
السبعة حيث يباع الأحذية المستعملة بعد تلميعها وأعجبنى حذاء إلا أنة مرتفع نوعا فى الثمن فقالت أمى للبائع
أنا بجرى على خمس أيتام اللة يخليك أعطينى الحذاء بثلات قروش ولم
يفلح توسلات أمى إلا أنها أخذت الحذاء بأربعة قروش ففرحت
كثيرا بة .. واستطاعت
أمى أن تدور قميص أخى ليكون مناسبا لي .. وأشترت لى قلم جاف وقالت هذا القلم يكفيك أربع شهور على الأقل وظللت أحافظ على هذا القلم حتى لا
ينتهى المداد منة كنت أقوم بحل بعض المسائل لأصدقائى التلاميذ
وكانت هذا بداية تفوقى وتميزى عنهم حتى أستطيع أن أكتب بقلمهم وأخذ بعض صفحات بيضاء كى أصمم لنفسى كراسة أخرى فأمى
ليس معها شراء كراسات ثانية لي .. وتمضى الأيام على هذا المنوال وكم أعانى من الفاقة والفقر والحرمان ومن محاولة
أمى الشديدة صد هذا الكم الهائل من الخطاب الذين يريدون ودها والزواج منها فقالت إننى تزوجت أولادى ولا رجعة فى هذا القرار ( كفايا عليّ
) سليمان ومحمد وأحمد
.. وتمضى الأيام تجر بعضها بعض وتزداد قسوة الأيام عض .. وليس لنا فى ذك إختيار او رد …… ( 3 ) كما أنة لا توجد لدينا حاجز صد … يقينا من هذا الهجوم الشرس للأيام التى لا ترحم ولا هذا الزمان الذى يرمى بسهامة المرتد ة الى صدورنا العارية دون درع يصد هذا البؤس المتزايد والذى طال أعناقنا بجد .. فلم نجد واقى لحياتنا وذلك الغلاء الذى يشتد فيؤرق صدورنا ويحتد .. حتى أننا نسينا فى الشدة أسماؤنا .. فكنت آخذ كتابى لأستذكر دروسى على الطريق الزراعى وعندما يشتد الجوع عليّ ابحث عن شجرة توت .. أتسلقها كى ألتقط ثمار التوت وآكلها أو القى بالحجارة على نخلة بلح لعلى أستطع أن اسقط منها حبات بلح تشفع فى معالجة الجوع الشديد الذى يؤلمنى
.. واعود الى
البيت محملا ببعض حبات البلح والتوت كى أ قدمها لأخواتى وفى الليل عندما لا أجد الطعام وخاصة ان ايام الأمتحانات تحتاج الى السهر لمراجعة الدروس فكنت انا واختى نلتقط شوية الملح لنضعة امام لقيمات العيش لنتناولها معا فكانت لنا أثمن وجبة واحلى من أكلة بط أو وجبة دجاج دسمة .. وكانت أمى دائما تحرص على شراء أوزة صغيرة ثم تقوم بتربيتها وتزغيطها حتى تثمن لموعد عيد الأضحى من كل عام ومرت الأيام مملة بطيئة بدون أن يتغير الحال الى الأحسن … وكنت أحيانا أخلو الى نفسى وأتذكر
حنان أبى ورقة أمى وكيف كان أبى يحكى لى القصص والحكايات وخاصة حكايات جحا بالذات .. كان أبى يحفظ
القرآن كلة والأحاديث النبوية فكثيرا ما حفظت فى صغرى بعض السور القصيرة .. وبعض الأحاديث فزاد من تعلقى برب الكون وأخذت أتأمل هذا الملكوت الهائل الكبير .. السماء الشاسعة وفكرت فى يوم الحساب
.. وكم كنت
أسمع من أمى أن النظرة الأولى لك والثانية عليك حتى لا يحاسبك اللة .. فكنت حين أقوم بحل المسائل التى كنت أجيدها لأصدقائى التلاميذ مثلى مما شجع التلميذات أن يتقدمن كى أشرح لهن الدروس .. فكنت لا أنظر إلا الى قلمى .. خشية حساب اللة وخاصة وقد كبرت ونضجت ووصلت الى الصف الثالث الأعدادى فكن من
الجميلات جدا جدا هدى واصلاح .. وإنشراح ..والكثيرات ممن يسبحن
فى هذا العالم من الجمال الأنثوى الذى يضج بالفتنة والروعة .. كان
يكفينا النظرة الأولى لأرسم صورهن فى ذاكرتى وكنت أسبح فى دائرة من أحلام المراهقة
.. وقد تعودت أن أسمع الأصدقاء يلقبونى
بالأستاذ الصغير .. كان اليوم الخميس 4/ 6 اليوم الذى حكت فية أمى كيف تزوجت من أبى الفقير رغم جمالها الرائع المبهر .. ووجها القمرى المضىء
.. كان أبى حلوانى وكانت
أمى من قرية كرديدة مركز منيا القمح .. وكان أبى صاحب صنعة وشاب قوى وفتى طويل القامة يميل الى السمرة شجاعا وشخصية مميزة .. تعلم فى الكتاب وحفظ القرآن وذهب الى الزقازيق وتعلم صنعة وكان بيت
عائلتة مقابل لبيت أمى .. وكان أبيها تاجر أقطان ثرى متزمت الى ابعد الحدود .. وكانت والدة أمى وتدعى زينب جميلة بيضاء
تستحم فى موج من الشعر الأصفر الهفهاف .. ترى كم يقوم هذا الشاب (أبى ) بالتأنق والتألق والشياكة ولبس الجلباب
الفضفاض وينتظر طويلا بالساعات كى يُفتح الباب أو الشباك كى يتيح
لة أن يختلس النظرات رويدا رويدا … وعلمت جدتى بذلك .. وكانت أمى صغيرة جدا لم تبلغ الرابعة عشر من عمرها
.. ولكن جدى محمد كان متزمتا لأبعد
الحدود .. سوف تتزوج أمى من أبى الخميس القادم .. وضج أهل القرية كيف تستعجل على زواج أبنتك الصغيرة لشاب
ليس فى مستوى عائلتك ماديا فكيف يجهز بنت الأكابر
.. فقال لهم كلنا كنا صغار
وكلنا ولاد سبعة وعندما تزوجت زينب (جدتى لأمى ) كانت فى نفس عمرها وكبرنا معا حتى
أصبحت من أشهر تجار الأقطان فى الشرقية بأكملها .. وتم الفرح رغم قيام بعض العائلات الثرية والشباب
الكثير الذى كان ينتظر بفروغ الصبر أن تصل أمى الى سن الزواج الرسمى كى
يتقدموا لخطبتها وحدثت عدة مشاكل ومضايقات بعد زواج أبى من أمى
.. قام أبى من
خلالها لنقل سكنة الى ضواحى الزقازيق بعيدا عن مسقط رأسة كرديدة
.. وكم حكت لي ان
البيت كان صغيرا متواضعا وسط حقول وارض فضاء شاسعة وان فتح اى نافذة
هو خطر عليها ممن يحاولون التجوال حول
النافذة أو الباب لمشاهدة طيفها فقط ورغم ان الباب والشباك دائما
موصدين تماما تماما ..ليس هناك ثقب واحد حتى لتنسم الهواء من
خلالة .. وتحكى
الأيام والناس ان بالمكان رجلا يقولون عنة (إنة قتال قتلة
) أو بالمعنى
بلطجى شرير وقاتل ويعترض كل من يقف فى طريقة بالقوة والعنف واحيانا
بالقتل حتى ذاعت شهرتة بالأجرام وكان يخط شنبة كمن
سيقف علية الصقر مما جعل شكلة تماما رهيب وموحش و شرير لكنة كان مزارعا يملك حقلا وشرا وكثيرا ما يقوم بأعمال البلطجة كهواية
لة .. وكانت أمى تشترى (كرنب ) لنا من احد الحقول وشاهدها أبو شمار وهذا هو أسمة
.. نظر اليها وقال الشىء
الوحيد الذى أنقذك منى هو جمالك الملائكى أذهبى عفوت عنكى .. وكانت اسنان أمى تصطك وترتعد
أطرافها حتى سا قاها لم تعد تستطيعان حملها على الجرى .. فتركت الكرنبة وانطلقت وهى
تنظر الى شنبة البارز بحدة .. وخوف وجزع وكأن شواربة تقفز بقفزة
بارعة كما كانت تسمع عن شرة الكثير……… وانتهى الأمر بأنة حمل لها
الكرنبة حتى باب بيتها المتهالك ولم تفتح الباب أبدا مهما سمعت من طرق .. وقال لها بصوت أجش انا ( حطيت ليكى الكرنبة قدام الباب ) .. ولم تفتح الباب الا عندما .. نادت عليها أمراة وقالت لها انت ناسية حاجة قدام الباب
.. حمدت اللة
انة لم يضيع عليها ثمن الكرنبة التى إشترتها بقرشين .. ( 5) كان نضوجى .. مبكرا .. فقد حملتنى ساقاى قبل الميعاد وكأن الزمن يرسم خيوطة لأكون رجلا فجسدى قوى يدل على ذلك طولا
وعرضا .. رغم صغر سنى فقد تفوقت
على أقرانى كثيرا .. وكأن الزمن يحملنى رسالة معينة لا أستطيع
قراءتها فى هذا الوقت بالذات وربما هذا التغير الفوثولجى نتيجة أحداث مرت دون أن أتفهم مغزاها لكنى أسرد وقائعها كانت أختى سعدية لها صديقات يكبرن عنها بكثير وكانت أكبر منى ومع ذلك كانت دائما تصاحبنى فى اللعب مع صديقاتها سهير
الكرشاتى وودة وزهرة .. وكثيرا ما يطلعن فوق سطح البيت المتهالك الذى نعيش فية ويحاولن نصب خيمتين
أحدهما للإناث والأخرى للذكور .. ولم يكن هناك ذكرا غيرى وكن يلعبن لعبة العريس والعروسة ويقمن بزفى الى إحداهن ويتركن
الزفة ى خيمتى وهى عبارة عن قماش سميك محاط من أربع جوانب بما يشبة القيمة الحقيقية
.. وانا فى السن الصغيرة لا أعرف ما يجرى حولى أرى ان سهير تقبلتى بغلاسة وكنت أنزعج فى بادىء الأمر ثم يقمن بلمس أماكن غير متوعد أن أرى غيرى يلمسها .. ومع كل مرة يسألونى عملت إية ياعريس فلا أعرف
ردا .. وتعودت على هذة
اللعبة التى ربما عجلت بشعورى الجارف نحو الجنس
الأخر وادركت سر هذة العلاقة الغريبة بعد أن مضت السنوات .. واصبحت شابا يافعا تجرى ورائى البنات دون أن اربط بين هذا الشعور وإنجذابى نحوهن ربما هى سن المراهقة بدرى ومبكرة عن الميعاد .. وتذكرت أن اللة خلق لكل أنثى مميزات تنفرد بها عن سواها مهما إختلفت أشكالهن والوانهن .. كانت عمتى حميدة رغم بخلها الشديد كثيرا ما تحسن معاملتى وكنت
أحرص على الذهاب اليها كل ماشدنى الشوق الى سماع ألأغانى فى الراديو حيث كان
وجود الراديو فقط عند الأثرياء .. وكانت مريم إبنة الست تريزة تأتى دائما عندما تعلم إننى متواجد عند عمتى حميدة
.. تميل وتهمس فى اذنى وانا أبتعد قليلا .. وتشاهد عمتى هذا فتقول لي مبتسمة البنت بتحبك يا سليمان .. لم يكن فى ذلك
الزمن فروقا فى الدين ولا نعرف هذا نهائيا .. وكنت أنظر الى عينيها القرمزتين الرائعتين الساحرتين فتشدنى الرعشة
والحنين لأقوم بتقبيلها لكن كلمات أمى مازالت ترن فى اذنى هذا
حرام وهذا حلال .. فكنت أتراجع خشية من غضب اللة وادركت أننى كنت مسلوب الإرادة تماما وانا صغير لا
استطيع ان أمنع شيئا ومر أمامى شريط الذكريات لو كانت
مريم هى سهير أو ودة او زهرة لتغير الحال تماما عما نحن فية الآن وشعرت بعاطفة قوية تربطنى بمريم .. وكانت أمى تقول لها ماينفعش سليمان ليكى ( دة بتاع بنات ) .. كل يوم بيذاكر لواحدة .. أقول لأمى على الفور أنا أخذت أستيكة ومسطرة وكراسة وقلم جاف يعنى بوفر عليكى المصاريف فتنظر الي بحنان قائلة انا
عارفة انك عاقل بجد وربنا يحفظك ويبعد عنك عيون الناس الوحشين .. وكانت مريم تراقب تحركاتى لتتحقق من كلام أمى فاجدها ورائى فى كل مكان كانت جميلة ورقيقة حقا .. كأجمل من ملك وكأنها تسابق الزمن فى النضوج رغم
أنها أصغر منى بعام كامل .. لكنها كانت تحبنى حبا جما .. وكنت انا مشغولا بما يجرى من أحداث حولنا الفقر
والبؤس والحرمان .. وكيف ارتبط بجميلة الجميلات وانا مازلت فى الصف الثالث الأعداى
.. وكانت أم بدر الرشيدى
تأتى الينا اسبوعيا ومعها أبنتها ضحى .. كانت مشرقة كالنهار وكانت تعجبنى بشدة فهى
تشبة أمى تماما فى روعتها وجمالها وبياض جبينها ونضارة بشرتها وصفاء وجهها الوضاء
وكانت فى ذلك اليوم ترتدى بلوزة مفتوحة من ناحية الصدر وكان الضوء ينفذ من صدرها ساطعا فى الارجاء كانت رائعة
جميلة مشرقة مبتسمة دائما حركت مشاعرى فجعلتى اتجاهل مريم التى تصغرها بعام .. الا ان انوثة تدفق منها بطريقة حركت كل
مشاعرى وحواسى حتى أن أمها لاحظت ذلك وقالت اسبوع وتظهر نتيجة الأعدادية والسكة الحديد طالبة تعينات بالأعدادية واللة يا سليمان لن أبخل عليك بأبنتى حتى لو انا سوف أجهزها لك لأنك شاب مؤدب ومستقيم واخلاق وشكلك
عاجبنى وعاجب البنت بنتى .. وهى دايما تقولى تعالى نروح لأم محمد شوية ياريت تكون راجل تمام وتثبت لي ذلك وتقدم على طول فى الشغل دى خلينا نلمكم على بعضكم .. فنظرت اليها بإستغراب وقلت الزاى واحنا
سننا صغير فقالت المهم تكونوا لبعض انا بنتى اللى جوزتها كانت مخطوبة لأبن عمها وهى فى اللفة . ضحكت وقلت
ربنا يعمل اللى فية الخير حضرت امى وقالت بحدة : يا أم بدرى ماتفتحيش عيونهم العيال
لسة صغيرين ومن هذا الكلام الحاد الذى قالتة أمى بحدة لم اعد أرى أم
بدرى وابنتها وكنت أمر من امام البيت فلا أجد صدى ولا ظلال ولا طيف وكان
الحياء الشديد يمنعنى ان أطرق البيت عليهم لأراها .. ومع طول إنتظار ذهبت اليهم متحججا واقول
لقد نجحت بمجموع كبير .. قالت لى برقة مبروك وياريت تبارك لأختك ضحى أهى إتخطبت ورحت فى عالم آخر من السرحان
……. كانت الدموع تكاد
تنهمر من عينى وانا أكابد الشعور بالأسى كل شىء حولى مظلما داكنا أسودا لا جمال فية بعد أن رحلت التى عشقها قلبى وأحبها وكأنى كنت أبحث عن صورة أمى فى هذة
الفتاة الساحرة الجميلة ورجعت هائما على وجهى لأقابل مريم بإبتسامة غامضة مريبة وكأنى أقول لها سامحينى وسامحى خيانتى لكِ .. ولكن مريم الفتاة الفاتنة المشرقة ذات العينين القرمززتين
الساحرتين تنظر الي بغضب شديد وتقول فعلا انت بتاع بنات روح اللة يسهلك ماعنتش حتشوف وشى تانى وان شفتة ابقى ( تف علية ).. وكان هذا الألم الثانى فى حياتى فأصبحت حياتى كاحلة مبعثرة مظلمة
جرداء ليس فيها نماء وكأن كل شىء ينبت بالخضرة والأمل قد جف وذبل
.. واصبحت وحيدا بعيدا عن ابتسامة تدفعنى الى مقاومة قسوة الحياة فقد ضاعت منى ضحى
وراحت مريم الى حيث لا عودة ولا حديث ولا حوار .. وكأنى كنت أستنشق حوارها لأجد رئتى
تنبض بالحياة مابين إختيار شبيهة أمى ومابين الذكاء الخارق والاخلاص فى الحب والأناقة والجمال وقد جف كل شىء
حولي وكأنى أبحر فى بحر متلاطم الأمواج بدون مدافين الحب والأخلاص
..وكدت أغرق ..
لولا بداية العام الدراسى الجديد كان فى 13 / 9 وفى ثانى يوم وجدت تجمع رهيب من الأصدقاء منهم على جاد
غريب وايضا نبيل أبو الفتوح وكما انضم اليهم إبراهيم حدايد ومحمد غريب وأخيرا سامى البنا وحسن المسلمى وبعد اسبوع آخر وجدت حشدا انضم الية صلاح الحمراوى وعلى الحمراوى .. وبالسؤال عن سبب
ذلك فهمت أن هناك فتاة رائعة كقيثارة تعزف سيمفونية الحب إنها فتاة وتدعى
( إصلاح ) وهذا إسمها .. وساورتنى الفكرة أن أمسك كتاب العربى و افتحة للقراءة على عامود المصباح الشارع الذى
يضىء ليلا لكى اراقب مايحدث عن كثب.. وكلما أقترب
لأستطلع ماحدث واعرف الأخبار أتأكد أنها فتاة رائعة تختلف عن كل البشر
إنها أكيد ملاك هبط علهم من السماء كى يجمعهم لأستنشاق نسنات الحب وأحلام
الصبى .. ولم أستطع رؤية (إصلاح )الا فى اليوم العاشر تقريبا حيث
كانت عائدة من مدرستها كانت هى فى الصف الثالث الأعدادى وكنت انا فى الصف
الأول الثانوى وتوالت الأحداث ……. الجزء الثالث ( 11 ) كانت الشمس ترسل إشعتها على مضض وكان عمال الرصف يقتلعون بالبلط كل ماهو حت الأرض حتى حبات الزلط .. وكنت أرقب غين الشمس حين يزداد بها الهب .. وكنت عن حرارة الجو أستعض ببعض نسمات
الهواء التى يطايرها حفيف الشجر .. كان الجو حارا وكنت أنا فى غاية القلق .. أفكر فيما وصلت الية كيف أخرج من النفق … وإدعيت أن ليس معى
بطاقتى الشخصية كى يأخذ منها المأذون الرقم والأسم والعدد ..ووسط هذا الجو الخانق الممتد عبر الأفق .. ظهرت أمامى ليلى بجسدها البض المضىء الناعم تتوهج لتزيد من
حرارة الجو الخانق .. كان جسدها المرمرى كرخام أملس ينزلق على مشاعر قلبى فيزيل من على جسدى حبات العرق .. وتذكرت أن الجمع بين أختين عند اللة
حرام وبغض .. فقررت الهروب بكل الوسائل والطرق ..تفحص المأذون الكرنية
المدرسى الذى أحملة على مضض .. ودون كل بياناتة على الورق وارتفعت
الزغاريد ووزع الشربات إلا أن قلى بدأ يحترق ونظر الي الدكتور عبد الهادى مبتسما وقال هذ ا حلالك الآن ونادى على أختة شربات قائلا :
خذى زوجك فى الحجرة العلوية وعندما نطق بهذة العبارة أدركت أنى تزوجت ولا
مهرب فالمأذون قد سبق .. وتحدثنا عن كل شىء فى إمور الزواج وبدت بقميصها الأحمر أشد توهجا عما سبق .. ولكن سرعان مامر أمامى شريط الذكريات فتصبب من جبينى العرق رغم أن الحجرة العلوية تنفرد على سطح واسع يحمل أكوام العشي والحطب .. تذكرت ليلى بجسدها
الأغلى من الذهب وبدأت أسترد أنفاسى يتجمد هذا العرق .. إقتربت منى تكشف عن ساقيها وكأنة الجسد المسجى الملتهب .. ولكن كل الشعور من
التخيلات قد برد كى أترك الضوء السارى من جسد ليلى كى
أقترب من شعلة اللهب .. كنت فى ذلك اليوم إدرك السبب .. لكن القدر الذى
معى لا يتفق .. فقررت الهرب .. بعد أن أبلغتهم أنى ذاهب لأحضر حقيبة ملابسى وابلغ أهلى عن مكانى فأنا لم أتعود المبيت خارج نطاق المنزل مهما كان السبب .. وأخذت حقيبة
ملابسى … قائلا لأمى أنا
ذاهب لأجد عملا .. فأعطتنى جنيها قد إدخرتة وقالت هذا كل ما أملك وعلى بركة اللة يا سليمان ربما يفتح اللة عليك ..
أدركت شربات بعد تفكير عميق ننى لن أعود .. وكان من المنطق أن تحلل ذلك جيدا من تعاملى معها بنفور
وحرص .. وعند خروجى
من البيت وجدتها أمامى فى أبهى ثوب ومكياج تنتظرنى وهى تراقب خروجى من البيت
.. فلمحتها عن كثب
وحاولت أن أترك حقيبة ملابسى فى حجرتى وخشيت من أن تحضر وبشجاعتها المعهودة
لتقول لأمى أين زوجى ؟ .. فتسقط أمى من طولها مغشيا عليها من فرط وهول الصدمة فأسرعت اليها قائلا : لماذا أتيتى الى هنا فقالت ببرود زوجى وحشنى وحتهرب منى حتروح على فين ؟! … ذهبت
معها أتسكع فى الطريق ثم دخلنا سينما الحرية حتى وقت متأخر م الليل … ولم نجد مواصلات فى ذلك الوقت فقررت المغامرة أن أبيت فى
حجرتى فدخلت بطريقتى الخاصة وشعرت أمى بدخولى فقالت : إنت جيت يا سليمان فقلت لها
أيوة جيت فقالت مش عايز حاجة أعملها للك
فقلت لأ .. أنا كابس علي النوم .. كانت الكنبة التى انام عليها لا تسع إلا فردا واحدا .. ونظرا لأن شربات نحيلة فقررت
الإنكماش وان تنام خلفى حتى بزوخ الصباح .. وكانت شربات تهمس فى
أذنى أعطينى وشك لا تعطينى ظهرك فهمست برقة .. ليس هذا وقتة .. شعرت أمى أنها فى حاجة الى ان تقوم بتغطيتى ليلا كعادتها مهما كان
الجو حارا .. وقامت بلف الغطاء
تعليقات
إرسال تعليق